مقالات

الأوضاع الأمنية المستجدة في الجنوب تُقلق اللبنانيين. طهران للغرب: أوقفوا الإحتجاجات في إيران أو نفجّر المنطقة.

 

موقع ناشطون

بقلم الكاتب والصحافي صفوح منجّد

إذا كان بعض من خرج من الحكم أو “رأسه” على الأقل مصابا بالإنفصال عن الواقع ولم يشعر هو ومنظومة فساده بمدى تردي الأوضاع المحلية في لبنان وخطورة ما يجري في المنطقة وبالتالي لم يدرك أنه اصبح (لزوم ما لا يلزم) مع إنتهاء ولايته، فإنّ من بقوا في مراكزهم وعلى مقاعد الحكم قد إبتلوا بإنفصام في الشخصية وإنفصال عن الواقع وعن الدور المطلوب والحلول لمواجهة هذه الظروف الحرجة، وكل ذلك يتبلور من خلال تقاعسهم عن القيام بواجباتهم الوطنية والدستورية وبما تفرضه عليهم المخاطر المحدقة بالبلد من الداخل ومن الخارج.

المسكنات لا تنفع

ويبدو أن اللبنانيين باتوا بحاجة إلى أكثر من موقف إنقاذي فالكلام لم يعد نافعا لتحطيم قيود العبودية هذه وكذلك مصادرة حرياتهم وحقوقهم وفرض المزيد من المعاناة عليهم والتي وصلت إلى حدود عدم نفع المسكنات للتخفيف من أضرارها وسط إنعدام الدور الوطني والقادة العظام من جهة ولإنعدام الظواهر الخيالية التي بات بمقدورها فقط إنقاذ ما يمكن إنقاذه مما هم فيه من حرمان وبؤس وغياب للديمقراطية مقابل سيطرت خفافيش التحلل والظلام وسارقي أحلام الناس بغد أفضل ووطن سعيد.

وزراء آخر زمن

ولعنة الإستهتار بواقع البلد ومستقبله لم يعد يقتصر فقط على زمرة من النواب، بل إمتدت هي الأخرى إلى حكومة تصريف الأعمال، فهل هناك “أفظع” من عدم المبالاة باللبنانيين وبأوضاعهم من إستخدام “الورقة البيضاء” للتخلي عن الواجب المطلوب من قِبل “نواب الأمة” لإنتخاب رئيس جديد للبلاد في معترك هذه الأزمات، لنفاجأ أنّ هناك ما هو أسوأ، حين نعلم أنّ ّمن يوجب عليهم الدستور الإنصراف إلى تصريف أعمال البلد والعباد، نراهم، بل نسمع أنهم طلبوا في اليومين الماضيين عدم عقد جلسات إستثنائية لمجلس الوزراء بُغية البحث في الأمور الطارئة، والأغرب هي “الحِجة” التي ساقها هؤلاء بأنهم (يريدون متابعة المونديال) !!؟؟

والإعتقاد السائد أنه لو كانت هناك من سلطة تحترم نفسها وتصون حقوق شعبها لأوقفت هؤلاء وأحالتهم فورا على التحقيق! ولكن كلنا يعلم أن البلد قد تحول إلى جمهورية موز، وهذا الأخير قد إرتفع سعره ولم يعد بمتناول اللبنانيين.

والعجيب الغريب أيضا أنه بعد مرور أكثر من 48 ساعة على جريمة العاقبية التي أودت بحياة جندي من اليونيفيل من الجنسية الإيرلندية، فإن تقرير الطب الشرعي الذي يوثّق سبب وفاة الجندي لم يظهر بعد، وسط معلومات تفيد أنه جرى تلاعب بمسرح الجريمة، الأمر الذي تعود عليه اللبنانيون ، بُغية طمس معالم هذه الجريمة لاسيما لجهة تحديد مسار إطلاق النار على المركبة التي كان يستقلها الجندي الإيرلندي حيث توقعت أوساط مواكبة للملف أن “تصبح مهمة السلطات اللبنانية أصعب في ظل تمييع الحقائق ومحاولة التملص منها، الأمر الذي يُدركه اللبنانيون جيدا من خلال التعاطي الرسمي مع سلسلة الجرائم التي ذهب ضحيتها قادة ونواب لبنانيون من فريق 14 آذار.

وتُجمع الأوساط أن هذه الجريمة ليست بفعل أمر عادي أو حادث عرضي أو أنه نتيجة خطأ من قِبل سائق المركبة التابعة لليونيفيل إرتكبه بفعل عدم معرفته للطريق العام داخل البلدة التي إجتازها للوصول إلى مطار بيروت ليُقِل أحد زملائه العسكريين في طريقة إلى بلده الأم.

وفي الحقيقة أن الحادث الأمني في العاقبية يندرج برأي مصادر مطلعة في إطار توجيه رسالة إلى المجتمع الغربي مضمونها (إمّا أن توقفوا الإنتفاضة الشعبية في إيران او نفجّر الأوضاع ضدّ قواعدكم الأممية في أماكن تواجدها، وكذلك كل وجودكم في البلدان العربية التي تقع تحت سلطتنا ونفوذنا وبالتحديد في منطقة الشرق الأوسط واليمن وغيرها…). فنظام “الملالي” يريد الضغط على أميركا لإخراج الإنتفاضة من شوارع المدن الإيرانية وإنهائها!؟ والأمر إن دلّ على شيىء فعلى إتساع الإحتجاجات والتحركات الشعبية ضد النظام الإيراني القائم في مختلف المناطق الإيرانية وإتخاذه أبعادا شعبية إضافة إلى مشاركة فئات كانت بعيدة عن أجواء الإنتفاضة وبدأت في الإنخراط في مواجهة السلطة بفاعلية لاسيما في الأوساط الطلابية.

السلاح غير الشرعي

لتضيف هذه المصادر أنّ هذه الأجواء الساخنة في الساحات الإيرانية وداخل الجامعات والمدارس قد عجلّ في تنفيذ الإعتداء على سيارة اليونيفيل في الجنوب اللبناني الواقع تحت هيمنة حزب السلاح حتى إشعار آخر الأمر الذي دفع بالبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي إلى القول :”الشعب يريد رئيسا لا ينحاز مع هذا أو ذاك ضد وطنه، وحان الوقت ليضع لبنان يده على السلاح غير الشرعي”.

أما المطران إلياس عودة فتساءل: “هل نستسلم أمام من ينحرنا؟ هل نترك الياس يغزو نفوسنا؟ أم نشهر سيف المطالبة بإصلاحات جذرية تضع حدا لكل فساد وتهاون وإساءة للبلد وأبنائه ، وتقتص من كل معتد على الدستور وعلى القوانين وعلى المواطنين وحقوقهم”.

جس نبض ومواصفات

من جهة ثانية لم تخرج حتى الساعة مؤشرات الإهتمام الخارجي بالملف الرئاسي اللبناني من دائرة الترقب وجسّ النبض وإستطلاع الآراء والحظوظ الرئاسية من منظار المواصفات المطلوبة والمقبولة عربيا ودوليا في شخص الرئيس اللبناني المقبل ليكون قادرا على قيادة دفة البلاد إلى ضفة الإصلاح والإنقاذ الموعودة في المرحلة المقبلة.

يبدو أن هذا المضمون هو فحوى الرسالة التي حملها مساعد وزير الخارجية الأميركية غولد ريتش خلال زيارته إلى بيروت حيث إلتقى عددا من المسؤولين اللبنانيين وأكد على حتمية تلازم المسارات بين تنفيذ الإصلاحات وحصول لبنان على الدعم الدولي.

هل يزور ماكرون لبنان؟

كما يعتزم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارته المرتقبة إلى جنوب لبنان لمعايدة الجنود الفرنسيين العاملين ضمن إطار قوات اليونيفيل، مع إحتمال تأجيل هذه الزيارة بسبب حادثة العاقبية ومقتل الجندي الإيرلندي، غير أن المصادرالموثوقة تؤكد ان زيارة ماكرون إلى الجنوب باتت مؤكدة ومدرجة على جدول أعمال جولته على المنطقة حيث من المتوقع أن يؤكد ماكرون للمسؤولين اللبنانيين على جملة من المواقف وإجراءات الدعم الفرنسية للواقع الإقتصادي اللبناني الراهن.

وتفيد المصادر أن من شأن زيارة ماكرون تفكيك سلسلة من الإعتبارات التي أثارتها مؤخرا قوى الثامن من آذار وهدفت إلى تكبيل الأولويات الوطنية في لبنان بهدف إنسداد الآفاق والسبل الآيلة إلى الحلول المرجوّة على الصعيد الدستوري وتأجيل الحلول المطروحة لأزمة الإنتخابات الرئاسية بإنتظار أن يحسم “حزب السلاح” أمره في لعبة شد الحبال بين “بنشعي” و”ميرنا الشالوحي”.

ولكن حتى الساعة لم تظهر أي مؤشرات بشأن وجود إهتمام خارجي بالملف الرئاسي اللبناني وأن الأمور ما تزال تدور في مجال جس النبض وإستطلاع الآراء حول الحظوظ الرئاسية من منظار المواصفات المطلوبة عربيا ودوليا لشخص الرئيس اللبناني المقبل وقدرته على قيادة دفة البلاد وإيصالها إلى ضفة الإصلاح والإنقاذ الموعودة في المرحلة المقبلة.

المسرحية بعد الأعياد

من جهته أسدل رئيس مجلس النواب الستارة على العروض المسرحية لإنتخاب الرئيس الجديد للبلاد ليعود إلى رفع هذه الستارة وإستئناف المسرحية الملهاة في العام الجديد بعد عشر جولات مستنسخة إستأصلت خلالها قوى 8 آذار الإستحقاق الرئاسي من رحم الدستور وأسرته في بيئتها الحاضنة للشغور وتعمدت تقزيم الإستحقاق وتحقير الموقع الأول في الجمهورية بأساليبها التعطيلية الممجوجة والمرفوضة التي جعلت من العملية الإنتخابية محط مسخرة أمام الرأي العام المحلي والعربي والدولي. وطبعا تأتي الورقة البيضاء المشار إليها آنفا، في مقدمة الجرم الرئاسي المشهود الذي يرتكبه “حزب السلاح” وحلفاؤه خلال العملية الإنتخابية وتعطيل النصاب وعدم عقد دورات أخرى في الجلسة الواحدة، طعنا للدستور والعملية الديمقراطية وربما بل من المؤكد ان يلجأ هؤلاء إلى الوضع الأمني المستجد في الجنوب للإطاحة بالإنتخاب وتأجيله إلى زمن غيرمحدد وتشريع الأبواب أمام “الإعصارات” المتوقعة لوضع البلاد في مهب الريح سيما وأن الأنباء بدأت تتناقل أخبارا مفادها أن جهات مسلحة بدأت بعملية قطع الأشجار وبناء منشآت غير مدنية في محيط بلدة رميش في الجنوب الأمر الذي أثار موجة من عدم الإرتياح في صفوف اهالي المنطقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى