جمعيات ومنتديات

جمعية “مرعي” للأعمال الخيرية نموذج راقي للتفاني في خدمة الإنسان والتنمية المستدامة

 

محمد سيف

فجأة ظهرت جمعية “مرعي” للأعمال الخيرية، وشغلت الرأي العام بعملها الصامت، إحتلت مساحة كبيرة من عقول المتابعين ليس في لبنان وحسب بل في العالم العربي وبلاد الاغتراب.
تقديمات ومشاريع غطت معظم الأراضي اللبنانية دون شرط او قيد، ودون تدخلات سياسية او طائفية او حتى مناطقية، وذلك انطلاقا من طرابلس الفيحاء مكان ولادة الأخوين الشابين: رئيس الجمعية خليل مرعي، والرئيس الفخري مرعي مرعي، المغتربين في أوستراليا.
جمعية “مرعي” أبدت استعدادها التام للتكامل مع أي جهة حكومية أو هيئة محلية أو دولية، لتقديم مشاريع ذات منفعة عامة وشاملة، واعلنت وضع كل إمكاناتها وخبراتها بتصرف أي رؤية تنموية يمكن أن تنعكس إيجابا على طرابلس والشمال وكل لبنان.
وتنشط جمعية “مرعي” للأعمال الخيرية، في تقديم المساعدات الاجتماعي في أكثر من اتجاه للفئات الأكثر حاجة، بالتزامن مع المناسبات الوطنية والدينية.
من قلب طرابلس انطلقت، واضعة نصب عينيها رفع الحرمان وتحقيق فارق في حياة المواطنين ما استطاعت إليه سبيلاً، مع يقينها بأنه لا أحد يحل محل الدولة. ولعل أهم ما يميز عمل جمعية “مرعي” هو أنها لا تنطلق من خلفية سياسية، ولا تسعى إلى استغلال آلام الناس وحاجاتهم، و محاولة “تقريشها” في بازارات وزواريب ضيقة، بل هّم جمعية “مرعي” هو الإنسان، وهاجسها الارتقاء بمستوى حياته قدر المستطاع.
وفي جولة على المشاريع في أروقة الجمعية، نستطلع نشأتها واهدافها وغاياتها، فالجمعية تأسست نهاية العام 2021، في خضم الانهيار الذي يشهده لبنان منذ العام 2019، والذي أرخى بظلاله بشكل كبير على الوضعين الاقتصادي والمالي لشريحة كبيرة من الشعب اللبناني. لذلك، فقد وضعت الجمعية نصب عينيها مساعدة الفئات الأكثر تهميشاً من خلال برامج وخطط مبنية على الحاجات والضرورات، بعيداً عن الأفكار النمطية والمشاريع المستهلكة، وبعيدا عن الأضواء والاعلام.
وبرز الدور الأساس لعمل الجمعية من خلال إطلاقها لمشروعها الخيري الاول لإنارة المدن والبلدات والاوتوسترادات الدولية والطرقات والأحياء والمدن الأثرية والمقار الحكومية والعسكرية بالإنارة العامة عبر الطاقة الشمسية من خلال تركيب الالاف من اللمبات والمصابيح بقوة W1350 و 1750 W و2000 W، وشملت الاعمال الإنارة العامة على الأوتوستراد الدولي من حاجز المدفون حتى الحدود السورية في العريضة والدبوسية، مرورا بالبترون، فالهري، شكا، انفة، القلمون، طرابلس، الميناء، البداوي وادي النحلة، المنية، عكار، مع إنارة الشوارع والأحياء الداخلية فيها، وأيضاً الأوتوستراد من طرابلس، مشروع القبة، مجدليا وصولا الى زغرتا وقرى القضاء، إضافة الى تنظيف وانارة نفق الهري شكا في قضاء البترون، نظراً لما يمثله هذا النفق من أهمية في الربط بين محافظتي الشمال وجبل لبنان، كما شمل مشروع الإنارة العامة بلدات في أقضية المنية الضنية، زغرتا، الكورة، البترون ومحافظة عكار، وفي بعلبك وبعض قرى البقاع ومؤخرا بجزين في الجنوب اللبناني، من هنا، فإن أكثر ما اشتهرت به جمعية “مرعي” هو إنارة الشوارع بالطاقة الشمسية، في ظل استعصاء حل مشكلة الكهرباء، التي وصلت عدواها إلى المؤسسات الرسمية والبلديات.
ولذلك، أخذت جمعية “مرعي” على عاتقها إنارة الشوارع الرئيسية والأنفاق الأساسية في الشمال، عبر مشروعها الرائد الرامي إلى تأمين الطاقة بشكل مستدام على الطرقات الرئيسية والفرعية، ما يمكن أن يساهم في الوقاية ومنع السرقات وتعزيز مقومات التنمية المستدامة،
خاصة وأن الإنارة العامة أصبحت حاجة ملحة في أيامنا هذه.
كما اطلقت الجمعية مشاريع : تسكير الجور على الأوتوسترادات وتخطيطها ووضع إشارات فوسفورية لارشاد السائقين والحد من حوادث السير، وكذلك الكفالات التعليمية، والخدمات الطبية، توزيع المساعدات للأسر الأكثر فقرا، ودعم العديد من مؤسسات الدولة واجهزتها الأمنية والإدارية وتقديم مستلزمات لانتظام عملها في خدمة المواطنين.
وتنشط جمعية “مرعي” في القطاع الديني، حيث أطلقت دورات مستمرة لتعليم وتحفيظ القرآن الكريم الى شريحة كبيرة من طلاب وطالبات طرابلس ومدن الفيحاء ومناطقها لاسيما الشعبية منها وكذلك في القرى والبلدات الشمالية وفي محافظتي عكار وبعلبك وقرى بقاعية، إضافة إلى إحياء المناسبات والفعاليات الإسلامية، والاستعانة بأهم الفرق الإنشادية في الوطن العربي، والتركيز على الجوانب الروحية والاجتماعية للذكرى.
وكان آخر تلك الفعاليات، إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف في ساحة عبد الحميد كرامي النور في طرابلس، حيث نظمت احتفالا شاركت فيه فرق الإنشاد و”الفتلة المولوية” من لبنان ومن العالم العربي.
وبعيداً عن الأفكار النمطية، ومع انتشار “التوك توك” وسيلة للنقل في لبنان نظراً لانخفاض كلفتها، خصصت جمعية “مرعي” عدداً منها لنقل كبار السن في طرابلس وقرى شمالية بصورة مجانية، وذلك من خلال فريق متخصص يجوب شوارع المدينة باستمرار، دون كلل أو ملل. ولا شك أن مشروعاً كهذا يستحق الإشادة نظراً لكونه مشروعاً غير ربحي، وهدفه إنساني بحت.
كما ساهمت جمعية “مرعي” بايجاد حل شبه مستدام لانقطاع المياه عن طرابلس ومدن الفيحاء وصولا الى مجدليا والفوار والعيرونية في قضاء زغرتا، خلال فترة الانقطاع التام لكهرباء الدولة وفقدان مادة المازوت لتشغيل محطات وآبار مؤسسة مياه لبنان الشمالي ومصلحة مياه طرابلس، حيث قدمت كميات كبيرة من المازوت كهبة مجانية، لإيصال المياه الى المنازل.
كذلك، أبرمت الجمعية اتفاقية تعاون مع جامعة البلمند في عدة مجالات حياتية وشاركت بالتعاون مع الجامعة في انجاح مؤتمر علمي حول استراتيجيّات التحوّل الرقمي والحوكمة الرشيدة منتصف شهر شباط 2023 ايمانًا منها انّ تطبيق الحكومة الالكترونية والحوكمة الرشيدة هو السبيل الوحيد في نهوض الوطن واعادة بناء مؤسسات الدولة ومحاربة الفساد والرشوات والمحسوبيات وبالتالي العمل من منطلق وطني وخدمة لبنان.
ومن أهم المشاريع التي تتحضر الجمعية للعمل عليها، يبرز مشروع كفالة الأيتام، انطلاقاً من الحديث الشريف: “أنا وكافل اليتيم في الجنة”. وهذه الكفالة تشمل مختلف النواحي الحياتية، خاصة وأن اليتيم يشعر بفراغ عاطفي ونفسي، وبالتالي فهو بحاجة إلى الدعم وتقديم الرعاية والمساندة على أكثر من صعيد.
وكما، في الشأنين الاجتماعي الإنساني والتنموي، أولت جمعية “مرعي” اهتماماً كبيراً بالشأن الرياضي، حيث نظمت بطولة مرعي الأولى كأس النخبة في كرة القدم، بالتعاون مع الإتحاد الفرعي لكرة القدم في طرابلس والشمال، التي جمعت فيها الأندية الطرابلسية والشمالية للعبة، وتميزت بالتنافس الكبير بين الفرق، والروح الرياضية العالية، وأعادت الروح إلى ملاعب طرابلس وزغرتا والكورة والبداوي، وشكلت هذه البطولة متنفساً لشباب المدينة، ومساحة للتحدي الكبير وعرض المواهب الكروية، خاصة وأن العارفين بالشأن الرياضي يدركون أن أهم الخامات الكروية، إنما تنطلق من المناطق الشعبية، لتصل باللاعبين إلى مصاف الفرق محلياً وعالميا.
وقد لقيت هذه الأعمال أصداء إيجابية وتفاعل في مختلف البلدات والمدن والقرى التي شهدتها.
وبالرغم من شمولية خدماتها واتساع رقعتها، إلا أن “مرعي للأعمال الخيرية”، تبدو غير مكتفية بما قدمته حتى الآن، بل تطمح وتسعى باستمرار لتقديم المزيد على أسس علمية وموضوعية واضحة، إيماناً منها بأن الشمال اللبناني، كما الوطن ككل، أرض خصبة للعمل الخيري المدروس، في ظل تضاءل إمكانات الدولة، ما يوسع أوتوماتيكياً مساحة عمل المجتمع المدني الصادق الراغب في تطوير المجتمع.
و تفضل جمعية “مرعي” عدم كشف جميع أوراقها في الوقت الحالي حول المشاريع والرؤى المستقبلية، وتكتفي بالتأكيد أنها لن تتوانى عن تقديم أية خدمة تشعر بحاجة المجتمع إليها، ولن تتأخر في بذل أي جهد لتطوير المجتمع المحلي، فطرابلس والشمال، يستحقان الأفضل ولا شك.
باختصار، تعتبر جمعية” مرعي” ، على حداثة سنها، نموذجاً راقياً للعمل الاجتماعي، الذي يبلغ الهدف مباشرة بعيداً عن “اللف والدوران”. وتعمل وفق دراسات ورؤى واضحة ومحددة، مبتعدة كل البعد عن الفوضى والعشوائية: فالهدف الأول والأخير هو الإنسان، والاستجابة السريعة لحاجاته الأساسية، مع اليقين أنه لا يمكن أحد يحل مكان الدولة في تلبية حاجات المواطنين، ولكن كما يقول المثل “أن تضيء شمعة، خير من أن تلعن الظلام”.
جزى الله خيراً جمعية “مرعي” للأعمال الخيرية والقيمين عليها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى