الاعلام MEDIAبلديات

العمود الفينيقي أعجز رئيس بلدية طرابلس السابق رياض يمق وفضح افتراءاته وتقصيره وأثبت فشله

الدكتور خالد تدمر ي يوضح:

كثرت الأحاديث في الآونة الأخيرة حول بلدية طرابلس وأعضاءها ولجانها، فرئيسها السابق د. رياض يمق الذي أعلن في مؤتمر صحفي أعقب جلسة سحب الثقة منه نتائج “حضور وغياب الأعضاء” موهماً نفسه أنه حقّق بالتالي انجازاً غير مسبوق على مبدأ “الناظر يقيّم الاساتذة”، لم يفلح إلاّ في تأكيد تسلطته وعنجهيته غامزاً من قناة أنه صاحب الرأي الأوحد والقرار في المجلس البلدي ويحق له أن يقيّم العباد ويعطي “علامات” ويتجنّى ويتهم جزافاً..

وعلى عكس ما هو متعارف عليه لجهة أن يعلن أي رئيس منتهية ولايته تقريراً يعدد انجازاته وما حققه من تقدّم في العمل البلدي، فإن ما قدمّه أقل ما يقال فيه أنه “تقرير سخيف” تلطى به لأنه لا يجرؤ على تقديم أي جردة حساب أمام الرأي العام الطرابلسي، بل طال به أقرب المقربين إليه ممن لم يحضروا جلسة سحب الثقة منه حيث تصدر أحدهم قائمة الغائبين عن الجلسات، وذلك مردّه طبعاً إلى خلافهم الدائم معه وعدم التوافق مع عقليته وعصبيته، فتقريره هو دليل ضده يثبت فشله في الإدارة وإقناع الزملاء بالتحلق حوله، بل دفعهم إلى النفور والابتعاد.

وممّا رافق حملته هذه، طرح الشكوك حول فعالية اللجان في المجلس ومدى قيامها بواجباتها التطوعية، دون أن يسأل نفسه لماذا انفض القوم من حوله، بخاصة الفريق الذي أوصله وكان قد تعاهد معهم على الشورى والأخذ برأي الغالبية قاسماً على المصحف الشريف، فهو من عطّل وعرقل عمل الكثير من اللجان وأفقد رؤساءها صوابهم بعقليته الرافضة لأي مشروع أو طرح لا يرى نفسه فيه مسيطراً أو متصدراً، ونذكر هنا على سبيل المثال لا حصر نسفه العمل الدؤوب والجهد الكبير الذي بذله الزملاء جبلاوي وكريمة والولي في لجنة إدارة الكوارث في فترة أزمة كورونا، والتي تعاونت فيها اللجنة مع كل الأطياف المعنية والمتخصصة والنقابات والادارات محلياً، وحتى مع الجالية الطرابلسية في الخارج.

أمّا على صعيد لجنة الآثار والتراث التي ظهر من تبجّح بالهجوم على أدائها لكيل الاتهامات جزافاً تجاهنا، فقد خفي عن هؤلاء عن غير قصد أو عن علم مسبق أن دور اللجان البلدية الرقابي التطوعي لا يحل محل مسؤولية المديريات العامة والوزارات الحكومية المعنية بنفس الملف، فلجنة الآثار البلدية على سبيل المثال دورها رقابي وليس تقريري ولا تنفيذي، فلا مقدرات مالية للجان، تقترح اللجان مشاريع يحيلها بدوره رئيس البلدية إلى المجلس للتداول والإقرار وتأمين التمويل لها، وبالتالي تقع المسؤولية المباشرة والقانونية والمالية والتنفيذية في موضوع الآثار والمواقع العمرانية التاريخية على عاتق المديرية العامّة للآثار التابعة لوزارة الثقافة وليس على البلدية ولجنة الآثار فيها.

إلاّ أن هذا الواقع القانوني لم يثننا عن القيام بواجبنا الرقابي من جهة، استناداً إلى مبدأ أهل مكّة أدرى بشعابها معتمدين على المتطوعين من خيرة شباب طرابلس الغيورين على تراثهم وآثارها والمنضوين ضمن “نادي آثار طرابلس” والذين يقومون بالتجوال الدائم داخل أحياء المدينة التاريخية في طرابلس والميناء أيضاً لرصد أي تعدٍ أو مخالفة أو محاولة تخريب لموقع أثري ما وإبلاغه للبلدية عبر اللجنة، وأيضاً التطوير بواجبنا لجهة جذب واقناع الجهات المانحة لتبني مشاريع ترميم عدد من المعالم الأثرية وإحياءها، طبعاً بإشراف المديرية العامة للآثار وبالتنسيق مع المديرية العامة للأوقاف الاسلامية المالكة للعدد الأكبر من تلك المعالم. والمشاريع التي أنجزناها في هذا الإطار يعرفها الطرابلسيون المتابعون، وتيسّر تحقيقها بحمد الله من خلال علاقاتنا وثقة الجهات المانحة بنا وجلّها من تركيا وفرنسا وإيطاليا مشكورين، والتي انجزناها انطلاقاً من حبنا لمدينتنا وحفاظاً على تراثها وصوناً لهويتها الحضارية.

ورداً على تساؤل أثاره البعض من باب رمي الشك أو التنظير عن أعضاء لجنة الآثار والتراث وتشكلّها واجتماعاتها، فقد غاب عنهم أننا ومنذ العام الأول لتولّي هذا المجلس مهامه صممنا تداول كل المواضيع والمشاريع الهندسية المتعلقة بالمدينة التاريخية ومبانيها الأثرية مع عمل لجنة التخطيط والهندسة، لأن خبرة الأعضاء في كلا اللجنتين يصب في نفس الاختصاص، من هنا كانت المراقبة والتقرير للجنتين مشتركة، ورفع التقارير موحدّ بينهما، فيما يخص على سبيل المثال مراقبة مشروع إحياء الارث الثقافي ومناقشته في مجلس الإنماء والإعمار ومتابعة تنفيذه على الأرض، متابعة إنجاز حديقة التكيّة المولوية، وضع مخطط استراتيجي لانماء المدينة القديمة ومحيطها وخطة السير فيها، إنجاز دراسة إحياء وسط المدينة ساحة التل الممول من جهة مانحة، اكتشاف جسر الترامواي الأثري في التبانة، مواكبة أعمال تأهيل المباني السكنية التاريخية في عدد من الأحياء بتمويل من جهات مانحة، وصولاً إلى ملف الأبنية الأثرية المتصدعة داخل حدود المدينة التاريخية، وملفات الأبنية التراثية التي يحاول بعض المتعهدين أو المالكين اسقاطها بطرق غير شرعية لهدمها وإنشاء مبانٍ باطونية مكانها..

أمّا عن ضم السياحة إلى لجنة الآثار والتراث بعد استقالة رئيس لجنتها منذ ٣ أعوام، فقد تزامن مع اندلاع ثورة ١٧ تشرين، ومن ثم مع فترة كورونا التي توقف فيها التجوال والسفر حكماً، وتبعه الأزمة الاقتصادية التي أرخت بظلالها على كل القطاعات وضربت قطاع السياحة بالدرجة الأولى. إلاّ أن كل ذلك لم يثني اللجنة ونادي الآثار من الاستمرار في الترويج السياحي لزيارة المدينة والتعرّف على آثارها، وذلك من خلال الحملات الاعلامية والأفلام الوثائقية التي يتم بثها بشكل دوري عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ومواكبة الوافدين من السيّاح المجانية في جولات تعريفية تشجيعاً للسياحة الداخلية، وتنظيم المسابقات التاريخية المصحوبة بجولات ميدانية لطلاّب المدارس والجامعات على مدار العام، فضلاً عن انضواء اللجنة ضمن “لجنة إنماء السياحة في طرابلس” التي أطلقها وزير السياحة نهاية العام الماضي، والتي أطلقت مؤخراً في بيت الفن بالميناء مهرجان “أهلاً بهل الطلة”.

هذا الجهد التطوعي الهام الذي بذله عددٌ من اللجان الفاعلة في المجلس البلدي، قوبل مع الأسف بالانكار أو التعطيل أو التسلط أو التفشيل من قبل الرئيس السابق د. يمق وبعقليته الصادّة سلبياً لأي مبادرة أو طرح دون التعمّق أو التفكير بأبعادها..
قصة العمود الفينيقي التي سنطلع الرأي العام عليها هي مجرّد عيّنة للأداء الفاشل لرئيس البلدية السابق وتُظهر كمّ الافتراءات التي رماها هو والبعض من أبواقه على الأعضاء الفاعلين في المجلس والذين التزموا الصمت وحاولوا جاهدين طيلة ثلاث سنوات حل الخلافات داخلياً بعيداً عن الإعلام، عكس ما فعل ويفعل د. يمق، وذلك انطلاقاً من مبدأ صون سمعة البلدية والتزاماً بالقسم الشريف الذي أخلّ هو به..

فمنذ شهرين تحديداً وقع نظر شباب نادي آثار طرابلس أثناء تجوالهم الرقابي على ظهور جزء من عمود فينيقي مدفون بين الركام على حافة رصيف كورنيش الميناء الجديد، فأعلمونا به وزرنا الموقع ليتبيّن أنه عمود من قطعة واحدة مصنوع من غرانيت أسوان الرمادي، وهو من بين تلك الأعمدة والحجارة الضخمة التي أتى به الفينيقيّون من مصر على متن سفنهم البدائية الأولى لبناء معابدهم على الساحل قبل ٣ آلاف و٥٠٠ عام، وذلك من خلال التعامل التجاري بين الفينيقيين والفراعنة الذي كان قائماً على مبدأ المقايضة، حيث يأخذون خشب الأرز من ميناء طرابلس ويأتون بتلك الأعمدة الكبيرة من مصر..
على الفور قمنا بإبلاغ مسؤولة المديرية العامة للآثار في الشمال الأستاذة سمر كرم ولفتنا نظرها إلى أن العمود المكتشف يقع جغرافياً ضمن نطاق بلدية الميناء، فتمنّت علينا أن نقوم كبلدية بسحبه وحفظه إذا أمكن لأن مقدرات المديرية المالية والتقنية عير متاحة بسبب الأزمة الحالية، والوضع كذلك في بلدية الميناء المنحلة، فتمنينا عليها بالتالي إجراء ما يلزم رسمياً لجهة إبلاغ بلدية الميناء والمخفر المسؤول والدوريات الأمنية لتغطية قيام ورشة بلدية طرابلس بالمهمّة، وتواصلنا مع رئيس ورشة الطوارىء في بلدية طرابلس لنتأكد من جهوزية وسهولة إنجاز سحب العمود من الموقع دون الاضرار به ونقله ليوضع ويعرض في الوسطية المقابلة للقصر البلدي، فكان الجواب بأن الأمر تقنياً سهل عليهم، إلاّ أنهم يحتاجون مواكبةً من شرطة بلدية طرابلس وإذن بالتنفيذ، وكلاهما مناطان بقرار رئيس البلدية (الذي منع ورش الطوارىء من تلبية أي مطلب محق للأعضاء لتصليح مجرور في مكان ما أو صيانة إنارة أو نظافة دون الرجوع إليه وأخذ إذن منه! عكس ما كان سائداً في عهد الرؤساء السابقين). وبعد تأمين التغطية الرسمية اللازمة من قبل مديرية الآثار تواصلنا مع د. يمق الذي جاوب مستنفراً “شو دخلني بنطاق بلدية الميناء وليش بدي أعمل شغل غيري ونوب عن مديرية الآثار”، أجبناه بكل المعطيات التي تم تأمينها وأن المبدأ هنا مبني على من لديه المقدرات التنفيذية بسرعة قبل أن تطاله يد السرقة ونجده محمّلاً الى حديقة خاصة هنا أو تجّار آثار هناك، وأن القضية ليست مناطقية بقدر ما هي حفاظ على قطعة أثرية تهم كل طرابلس بل ولبنان كما هو الحال في إيطاليا التي تلقى علومه فيها ويحمل جنسيتها، فكان جوابه سلبياً ومعطلاً وباءت محاولاتنا معه بالفشل، ولا يزال العمود في مكانه حتى الساعة عرضةً للسرقة أو التشويه لأن المديرية العامة تمنت بعدها على بلدية الميناء أن تأخذ على عاتقها المهمّة والأخيرة لم تتمكن حتى الساعة من إنجازها.. والأمر كان من السهل القيام به من خلال ورشة الطوارىء في بلدية طرابلس المجهزة بالآليات والعديد ولن يستغرق عملهم لانجازها أكثر من ساعة.

ومؤخراً فوجئنا بزميل من أعضاء المجلس من الداعمين لعقلية وأداء د. يمق يتطاول على سمعتنا خاسئاً عبر وسائل التواصل الاجتماعي بأسلوب همجي غوغائي يحاول عبثاً دون نجاح أن ينال من سمعتنا وسيرتنا مكيلاً الافتراءات والاتهامات الباطلة ومدعياً أننا لم نقم بواجبنا تجاه حماية آثار المدينة “التي سرقت وانتقلت الى البترون” على حد قوله، وغاب عنه كل ما تقدّم من شرح ومعطيات، واختلط عنده الحابل بالنابل بين دور لجنة الآثار البلدية ومسؤولية المديرية العام للآثار، بينما لا تختلط عندهم فصل تلك المسؤوليات عند الحديث مثلاً عن اخفاقات لجنة الحدائق والبيئة وصفر انتاجيتها، فتراهم هناك يرمون اللوم ربما على مديريات وزارة البيئة لجهة إهمال الحدائق والوسطيات وزرع الأشجار وعلى وزارة الطاقة والموارد المائية لجهة إهمال وتلوث مجرى نهر أبو علي! ومن هنا تظهر عبثية الكيل بمكيالين، لكن الزميل المغرّر به معذور، فهو كان غائباً عن المدينة مغترباً عندما قدنا مع المجمتع المدني وخلال فترة مجلسين بلديين متعاقبين “الحملة المدنية لإنقاذ آثار والتراث طرابلس” ضد هدم مسرح الإنجا، والمدرسة السلطانية، وسيّار الدرك، ومدرسة الأميركان بالقبّة، ومبنى الكلية الاسلامية، وقصر العجم.. كما لم يسمع أو يقرأ عن ما تحقق من مشاريع إعادة بناء التكية المولوية، واستحداث متحف قلعة طرابلس، وترميم برج الساعة الحميدية، وتحديد غرفة الأثر النبوي الشريف، وإنارة مسحد طينال الفنية.. وغيرها الكثير، بينما سمع بحادثة مزعومة عن اختفاء محرك ساعة التل أيام رئيس البلدية الأسبق العميد سامي منقارة أي في تسعينيات القرن الماضي وكنا حينها نتابع دراساتنا الجامعية خارج البلاد ولم ننخرط بعد في حقل العمل العام، كما لم نره وغيره من المتعمدين للقدح والذم دون خجل أو حياء لم نشهدهم إلى جانب أهل المدينة دفاعاً عن تراثها وآثارها في مواجهة مرأب التل التخريبي الذي كاد يطيح بوسط المدينة التاريخي قبيل الانتخابات البلدية الاخيرة، والذي لو قيّض له أن ينفّذ لكانت ساحة التل اليوم بمثابة حفرة كبيرة متروكة لمصيرها نظراً لمدة المشروع المنظور ب٤ الى ٦ سنوات وتوقف كل مشاريع مجلس الانماء والاعمار مع اندلاع الثورة، ولكانت أسواق طرابلس القديمة السياحة مشلولة بالكامل بفعل تقطّع الأوصال والمداخل من حولها بفعل هذا المشروع الكارثي.

د. خالد عمر تدمري
عضو مجلس بلدية طرابلس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى