سياسة

البطريرك الراعي:”ندعو المسؤولين السياسيين والمدنيين لبذل الجهود نحو الهدف الوطنيّ الواحد، وللتنافس على قاعدة الديمقراطيّة السليمة”

 

لمناسبة اليوم العالميّ للصلاة من أجل الدعوات ترأس البطريرك الماروني الكردينال مار بشارة بطرس الراعي قداسة احتفاليا في بازيليك سيدة حريصا،    عاونه فيه المطرانان حنا علوان والياس سليمان، امين سر البطريرك الاب هادي ضو، رئيس مزار سيدة لبنان الاب فادي تابت، بمشاركة عدد من المطارنة والكهنة والراهبات، وبحضور حشد كبير من المسؤولين واعضاء روابط الاخويات والمؤمنين.

وبعد تلاوة الانجيل المقدس القى عظة بعنوان:

“إرموا الشبكة من عن يمين السفينة تجدوا” (يو 21: 6).  قال فيها :  يسعدنا أن نحتفل معًا بهذه الليتورجيا الإلهيّة التي تجمعنا في مناسبتين: لقاء رابطة الأخويّات، واليوم العالميّ للصلاة من أجل الدعوات؛ وأن تشارك معنا جمعية فينيسيا للقديس شربل البولندية، مع وفدٍ من السواح البولنديين ومرشدهم الروحي. وهم في زيارة للبنان وقدّيسي،وللوقوف الى جانب الشعب اللبناني وتشجيع السياحة في لبنان والحج الديني إليه. وكذلك تشارك معنا “جماعة الرجاء” التي تهدف الى مساعدة العائلات التي فقدت احد أبنائها من اجل اعادة الرجاء الى قلوبهم.

وتابع: تجتمع رابطة الأخويّات في لبنان اليوم تحت نظر أمنا مريم العذراء في مزار سيدة لبنان-حريصا، تأكيدا على طبيعتها كأخويات بروحانية مريمية، وكأخويات موجودة في لبنان منذ أكثر من ٤٥٠سنة، لتشكل نبض الرعية، واليد اليمنى للكهنة، فتكون حركة الحياة في الكنيسة.

وبعد الحديث عن تاسيس رابطة الاخويات….قال : تجتمع الأخويّات الأم اليوم في لقاء عام لكل فروعها في لبنان، بمشاركة أبنائها وبناتها من عكار إلى جبل لبنان فالبقاع وبيروت. ونوجّه التحية إلى الأخويات في جنوب لبنان، الذين أبوا إلا أن يشاركوا بممثلين عنهم في هذا اللقاء. على الرغم من الحرب هناك. اننا نحيي إيمانهم وشجاعتهم ومن خلالهم نحيي كل احباءنا في الجنوب اللبناني الذين يصمدون بقوة الايمان والرجاء.

نشكر الله على هبة الأخويّات راجين أن تبقى بنعمته مثالا في الكنيسة وبين المؤمنين، وعنوانا للتنشئة المسيحية الحقة والسلوك المستقيم.

نشكر الله على هذه النعمة الكبيرة التي أعطاها لكنيسة لبنان، انتم الجيش الروحي الحقيقي الذي لا يمكلك سلاحا ولا مدافع انما يملك الحب الايمان والاخوة والعطاء، لذلك سينجو لبنان بفعل صلاتكم وبشفاعة امنا مريم العذراء سيدة لبنان وقديسيه.

واردف قائلا :نحتفل في هذا الأحد أيضًا “باليوم العالميّ للصلاة من أجل الدعوات”. فوجّه قداسة البابا فرنسيس رسالة في المناسبة، جريًا على عادة البابوات منذ إحدى وستّين سنة، وقد أسّسه سنة 1963 القدّيس البابا بولس السادس. أمّا عنوان رسالة البابا فرنسيس فهو: “مدعوّون لنزرع الرجاء ونبني السلام”.

يكتب في مستهلّها أنّ الدعوة ثمينة ويوجّهها الله إلى كلّ واحد وواحدة منّا، ومن الذين هم شعبه الأمين السائر على الأرض، لكي يتمكّن من المشاركة في مشروع حبّه، ومن تجسيد جمال الإنجيل في مختلف حالات الحياة. الكلّ مدعوّون لسماع الدعوة الإلهيّة، لا من حيث الواجب فقط، بل وبخاصّةكوجهٍ أفضل لنصبح أداة حبّ وجمال وسلام وقبول للآخر.

ويذكّر قداسة البابا أنّ الدعوة تشمل:

– الآباء والأمّهات الذين يبنون حياتهم على الحبّ المجّاني، منفتحين على هبة الحياة، وباذلين نفوسهم في خدمة أولادهم ونموّهم.

– العمّال الذين يقومون بأعمالهم وأشغالهم بالتفاني وروح التعاون.

– الأشخاص الملتزمين، بمختلف الطرق والأصعدة، في بناء عالم أكثر عدالة، واقتصاد أكثر تضامنًا، وسياسة أكثر إنصافًا، ومجتمع أكثر إنسانيّة.

– جميع الرجال والنساء ذوي الإرادة الحسنة الذين يضحّون في سبيل الخير العام.

– الأشخاص المكرّسين الذين يقفون حياتهم للربّ في صمت الصلاة، والعمل الرسوليّ وفقًا لمواهبهم الخاصّة.

– الكهنة الذين يتفانون في إعلان الإنجيل، ويهبون حياتهم، مع خبز القربان، للأخوّة، زارعين الرجاء وكاشفين للجميع عن جمال ملكوت الله.

ويوجّه البابا فرنسيس كلمةً أبويّة للشباب وبخاصّة للذين هم بعيدون عن الكنيسة، أو فقدوا الثقة بها، أيّها الشباب: “يسوع يجتذبكم، إطرحوا عليه أسئلتكم. إنّه يحترم حريّتكم، ولا يفرض نفسه عليكم، بل يقدّم ذاته لكم. فاتركوا له مكانًا في نفوسكم وستجدون سعادتكم في اتباعه، حتى ولو طلب منكم أن تبذلوا حياتكم كلّها له.”

واضاف: .كم نودّ أن يعتبر المسؤولون السياسيّون والمدنيّون عندنا أنّ الدعوة موجّهة إليهم أيضًا وأنّهم في طليعة المدعوّين، لأنّهم مؤتمنون على خير الشعب، وعلى الدولة ومقدّراتها، وعلى وحدتهم في السير نحو هذين الهدفين، وفقًا لتنوّع مواهبهم. لذا ندعوهم لبذل الجهود نحو الهدف الوطنيّ الواحد، وللتنافس في الوسائل والطرق نحو هذا الهدف، على قاعدة الديمقراطيّة السليمة التي تشكّل نظام لبنان “كجمهوريّة ديمقراطيّة برلمانيّة” (مقدّمة الدستور، ج). على قاعدة هذه الديمقراطية عليكم إن تتنافسوا في سبيل الشعب والدولة. يطرح البابا فرنسيس في رسالته ثلاثة مواضيع هي: شعب في مسيرة، حجّاج رجاء وبناة سلام، شجاعة في المجاذفة.

ا-شعب في مسيرة

في الوضع التاريخيّ الراهن، نحن في مسيرة جماعيّة نحو سنة اليوبيل 2025. نحن حجّاج رجاء نحو السنة المقدّسة، حاملين رغبة المسيح وهي أن نؤلّف عائلة واحدة، موحّدة بحبّ الله، ومترابطة برباط المحبّة والمشاركة الأخويّة. في هذه المسيرة نصلّي ملتمسين من الآب السماويّ هبة الدعوات المقدّسة من أجل بناء ملكوته، فالمسيح رأس الكنيسة يدعونا لنصلّي كي “يرسل الربّ فعلة لحصاده الكثير” (لو 10: 2). الصلاة هي أكثر سماعًا لله منه كلامًا. إنّها حوار مع الله من القلب إلى القلب. وهي القوّة الأولى للرجاء، بل تفتح الباب للرجاء.

ب-حجّاج رجاء وبناة سلام

أن نكون حجّاجًا يعني أنّ لدينا معرفة واضحة للهدف، وحفظًا له في الفكر والقلب. ويعني أن نسير كلّ يوم من جديد، نبدأ دائمًا من جديد بذات الزخم. نحن حجّاج لأنّنا مدعوّون لنحبّ الله وبعضنا بعضًا. كحجّاج رجاء نسعى بخطى ممكنة نحو عالم جديد، حيث يمكن العيش بسلام وعدل وحبّ. نحن حجّاج رجاء لأنّنا نسعى إلى مستقبل أفضل، ونلتزم ببنيانه في مسيرتنا. فالرجاء يبدّد الظلمات، مهما تكثّفت في طريقنا.

أن نكون حجّاج رجاء وبناة سلام هذا يعني تأسيس حياتنا على صخرة قيامة المسيح، فلا تتزعزع. قيامة يسوع تجعلنا في حالة قيامة مهما اشتدّت الصعاب الماديّة والروحيّة والمعنويّة.

ج-شجاعة في المجاذفة

المجاذفة تقتضي منّا أن نقوم، أن نستيقظ، ونخرج من اللامبالاة، ونكسر قضبان السجن الذي حبسنا أحيانًا نفوسنا فيه. فيتمكّن كلّ واحد وواحدة من اكتشاف دعوته في الكنيسة والعالم، ويمشي مسيرة حجّ تحمل الرجاء وتبني السلام، حاملين بشرى الفرح، ومشدّدين أواصر الأخوّة الإنسانيّة. انتم ايتها الاخويات، هذا الشعب الذي يسير بالايمان، المصلي الذي يرجوا والذي يعمل، انتم تعملون من عائلاتكم ومن رعايكم، انتم هؤلاء الحجاج للرجاء ولبناء السلام.

وختم :فلنصلِّ، أيّها الإخوة والأخوات، من أجل أن يلتزم كلّ إنسان بدعوته الخاصّة، فتنسجم حياته مع تصميم الله الخلاصيّ. ولنصلِّ من أجل تقديس الأخويّات وإنمائها وانتشارها في مختلف الرعايا على كامل الأرض اللبنانيّة. ولتشفع لها ولنا ولوطننا لبنان أمّنا وسيّدتنا مريم العذراء سيّدة لبنان. ومعها نرفع نشيد المجد والتعظيم للثالوث القدّوس الواحد، الآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين.

زر الذهاب إلى الأعلى