متفرقات

خلف: لن نشارك بأيّ جلسة تشريعية قبل إنتخاب رئيس ولن نعترف بأي من قوانينها

عقد النائب ملحم خلف مؤتمرا صحافيا في مجلس النواب ظهر اليوم في شأن الجلسة التشريعية وقوانينها المتصلة بإشكالية الشغور المحتمل في قيادة الجيش. وقال: “إنّ الجلسة التشريعية التي تمّ الدعوة إليها صباح يوم الخميس في 14/12/2023، وبعض قوانينها المطروحة على جدول أعمالها، هي إنقلاب على الدستور وتقويض للديموقراطية ونحر لسيادة القانون في لبنان: إنّها، في أيّ حال، تأتي ضمن المسلسل التدميري للمؤسسات الدستورية الذي نشهده منذ لحظة شغور سدّة الرئاسة، وحتى ما قبلها.

أولاً- مِن المفيد التذكير أنّه في 11/2/2023 أصدر 46 نائباً بياناً حدّدوا فيه – من جملة ما حددوا فيه- الموقف الدستوري السليم مِن عدم جواز انعقاد جلسة تشريعية في ظل شغور سدّة الرئاسة وذلك وفاقاً للمادة 75 من الدستور، بمواجهة، آنذاك، جلسة تشريعية كانت ستُعقد لتمرير قانون تصديّاً لإشكالية الشغور في موقع مدير عام الأمن العام. نعود لنُكرر أنّ المجلس النيابي هو “هيئة انتخابية لا هيئة إشتراعية”، وبالتالي يُمنع على المجلس النيابي التشريع، قبل إنتخاب رئيس للجمهورية. فهذا النص الدستوري الخاص والصريح لا يسمح بأيّ توسع في تفسيره، وإنّ هذا المنع هو مُطلق ولا يحتمل أيّ إستثناء ولا تمييز بين ما هو “تشريع الضرورة وتشريع غير الضرورة”، إذ لا أولوية تعلو فوق أولوية إنتخاب رئيس للجمهورية، بل الموجب الدستوري المتوجب على السادة النواب يحصر مهمتهم فقط وحصراً بهذا الإستحقاق الى حين إتمامه. إنّ النصوص والمبادئ الدستورية والقانونية لم تتغيير منذ ذاك الوقت، وبالتالي لا تغيير في الموقف إزاء جلسة تشريعية لتمرير قانون تصديّاً لإِشكالية الشغور المحتمل في قيادة الجيش أو لتمرير قوانين أُخرى. وفي أيّ حال، لم نشارك بأيّ جلسة تشريعية طيلة الفترة التي مضت”.

أضاف: “ثانياً- في أيّ حال، إنّ إقتراح القانون المطروح المتعلّق بإشكالية الشغور المحتمل في موقع قيادة الجيش-ومهما تعدّدت صِيَغِه وتمويهاته-هو معيوب شكلاً ومضموناً؛ فلو سلمنا جدلاً وعلى سبيل الإفتراض أنه لدينا رئيساً للجمهورية ويمكن للمجلس النيابي التشريع، فلا يمكنه إقرار قانون كالقانون المطروح وذلك تقيّداً بالمبادئ العامة التي تمنع التشريع لمصحلة أشخاصٍ مُحدّدين ولغاياتٍ ظرفية مُحدّدة، مما يشكل قانوناً على القياس disposition sur mesure، ما يخالف الطبيعة العامة والمطلقة للقانون، إذ أنّ المقصودين بهذه القوانين هم أشخاص محددين. ومن مبادئ التشريع الأساسية أنْ يكون القانون له:

  • طابع الشمول والمساواة(caractère plénier et égalitaire) 
  • وطابع التجرد (caractère abstrait)
  • وطابع العموم(caractère impersonnel)
  • وطابع الإلزام (caractère normatif et impératif) 

هذا ما يجعل القانون المطروح مُخالفاً لكلّ هذه المبادئ وباطلاً بطلاناً مُطلقاً وبالتالي مُعرَّض حتماً للإبطال أمام المجلس الدستوري.

ثالثاً- نضيف الى ذلك، أنّ إقرار القانون المذكور يجعل من السلطة التشريعية خادماً لمصالح بعض الافراد العاملين في السلطة التنفيذية، ويفقِد المجلس النيابي دوره في مراقبة هذه السلطة، فلا يعود ممكناً للسلطة التشريعية مراقبة مَن أقرت القانون على قياسهم؛ كلّ ذلك، يُخالف أيضاً مبدأ فصل السلطات ويُعدّ تعدٍّ من سلطة على سلطة أُخرى.

رابعاً- مِن غير المقبول بأن تستمر السلطة التنفيذية في نهج تحميل المجلس النيابي وزر عجزها، فترمي له، في كلّ مرة، مسؤولية معالجة قضايا بطبيعتها ونوعها وماهيتها تقع في صلب مهام الحكومة. وفي مطلق الأحوال، إنّ حجّة “المصلحة العليا Raison d’etat” لا يُمكن الإستناد إليها إلاّ من الحكومة، وإنّ إشكالية الشغور المحتمل في قيادة الجيش لا بدّ من معالجتها حصراً داخل السلطة التنفيذية بحلول عديدة أضحت معلومة من الجميع، ومِن بينها قرار وزير الدفاع بتأجيل تسريح قائد الجيش.

وتابع: “خامساً- لكلّ هذه الأسباب المبينة أعلاه، فإنّ عقد جلسة تشريعية، أيّاً يكن سببها، لا تزال مخالفة للدستور وبمثابة ضربة قاتلة لأساسات النظام اللبناني، إضافةً الى أنّ القانون المطروح فيما يتصل بإشكالية الشغور في قيادة الجيش-من جملة مشاريع واقتراحات القوانين الأُخرى المطروحة لإقرارها-معيوب بعيوب جوهرية وباطل بطلاناً مطلقاً. كلّ هذا يُرتِّب موجباً دستورياً على النواب بعدم المشاركة بأيّ “جلسة” من هذا النوع وعدم الإعتراف بها، وأيّ مشاركة من قبلهم أو إعتراف منهم بها يُعَدّ إنتهاكاً صارخاً لأحكام الدستور، لذلك، إنّنا لن نشارك بأيّ “جلسة تشريعية” قبل إنتخاب رئيس الدولة، ولن نعترف بأي من قوانينها، وبالتالي نعتذر عن حضور الجلسة المنوه عنها لعدم رغبتنا بمخالفة الدستور.

سادساً- مرّ حتى اليوم 329 يوماً على وقفتنا الدستورية داخل المجلس النيابي، وليتنا نتعظ من كلّ مصائبنا المتراكمة ونتنبّه، نحن نواب الأُمة، أنّ مفتاح الحلول يتكوّن بالإمتثال الى الموجب الأوّل الدستوري المتمادي المترتّب علينا جميعاً منذ أكثر من سنة ألا وهو الإجتماع فوراً وبحكم القانون لإنتخاب رئيس الدولة. وليتنا نقرأ رأي العلّامة النائب السابق حسن الرفاعي عن إنتخاب رئيس الدولة ، الوارد في كتاب “حارس الجمهورية”، حيث يقول مِن جملة ما يقول:

“على جميع أعضاء المجلس النيابي حضور الجلسة المخصصة لانتخاب رئيس للجمهورية. فالمادة ٤٩ من الدستور لم تفرض نصاباً مُعَيَّناً لجلسة الانتخاب اذ أنّ الدستور أوجب على جميع أعضاء المجلس الحضور…”.

“إنّ الحيلولة المتعمدة دون انتخاب رئيس الجمهورية هي بمثابة تعطيل للنظام وانقلاب عليه…”.

“إنّ الزعم أنّ التغيُّب هو حق ديموقراطي هو قول باطل بطلاناً مطلقاً ويشكل مخالفة للدستور…”.

وختم: “في أيّ حال نعود ونكرّر أنّ ما سيحصل صباح الغد يُعدّ انقلاباً دستورياً، علينا جميعاً التصدي له بشتى الطرق المتاحة!”.

زر الذهاب إلى الأعلى