مقالات

الإنتخابات الرئاسية مؤجلة إلى ما بعد الأعياد. نتنياهو يصر على مخططته في إبادة رفح وحديث عن صفقة تهدئة ل 6 اسابيع وإطلاق سراح 40 إسرائيلي

مقال بقلم الكاتب صفوح منجّد في موقع ناشطون

“رأس البلد” كما تم التعارف على تسمية هذا المركز هو معطّل والمشاكل والخضّات والإضطرابات الأمنية تزداد وتتعاظم، بينما المبادرات الحاسمة مغيّبة !! في حين المواجهات والإضطرابات و (القيل والقال) والتباينات في الرأي والمواقف، والمؤامرات في الداخل ومن الخارج تتعاظم، ووسط هذه الظروف الصعبة يحلو للبعض أن يشير إلى أن عدم إجراء الإنتخابات الرئاسية هو بسبب الأوضاع الأمنية وغيرها، والسؤال الصحيح والذي يجب أن يُطرح هو “إذا لم يتم هذا الإستحقاق وسط هذه الظروف القاهرة والتي لا يبدو أن هناك أي أفق لتذليلها وإنقشاع غيومها، فمتى يمكن أن تسمح الظروف؟” وإذا تم ذلك فما أهمية هذا الإستحقاق في حال إستتباب الوضع؟ ورب قائل “أن الأختلاف بين “الأقطاب” هو حول إختلاف توجهاتهم السياسية وفي مقدمها ما يدور حول هوية لبنان القائمة على التعددية والحرية والديمقراطية وما طرأ من أحداث ومواقف في أعقاب الحرب التي يشنها العدو الإسرائيلي على لبنان وعلى مناطق أخرى في وطننا العربي وتحديدا في قطاع غزة وجواره.

وكما يقال في اللقاءات السياسية فإن حسم قضية الرئاسة الأولى قد تم تأجيله إلى ما بعد الأعياد، والسؤال هنا لماذا لم تجر هذه الإنتخابات والتوافق بشأنها قبل الأعياد حتى يكون لها “الرهجة” والصدى ودلالاتها الإنسانية والوطنية.

ولكن، وكم أصبحت هذه الكلمة مستهلكة على الصعيدين السياسي والشعبي في وقت تحولت معه الأوضاع الراهنة إلى ما يشبه التعاسة وعلى كافة الصعد الإنمائية والإقتصادية والحياتية والمؤسسات كافة في حالة جمود ولم ينفع معها “إصطناع” التحرك الأهلي والشعبي مع حلول الأعياد، فسكة الخلاص باتت معروفة للقريب والبعيد ووضع البلد على كف عفريت.

ففي اليوم ال 169 من الحرب الصهيونية على غزة ومناطق واسعة من فلسطين ولبنان بدت الطفولة منتهكة مع حلول مناسبة “الشعنينة” المباركة في هذا العام وفي هذه الأيام التي سبق وعاشها “الناصري” في الأرض المقدسة التي ولد فيها وعاش ونشر رسالته الدينية، وعانى من الآلام التي يعيشها اليوم الآلاف من أهالي الأرض المقدسة مسلمين ومسيحيين، وسط إحتمال عدم إمكانية التوصل إلى هدنة قريبة في غزة.

وبات هذا الإحتمال يتضاءل بسبب المواقف المتعارضة والمتناقضة للحكومة الإسرائيلية، فنتنياهو ومعه قتلة الأنبياء ومبيدي الشعوب لن يرضوا بالهدنة قبل تنفيذ مخططه بمهاجمة رفح وإبادة سكانها عن بكرة أبيهم، في ظل إصرار إسرائيل على توسعة رقعة الحرب، الأمر الذي تجلى بوضوح في الساعات ال 24 الماضية، إذ قصفت إسرائيل بعلبك ليلة امس الأول، كما إستهدفت مسيّراتها للمرة الأولى منطقة البقاع الغربي وتحديدا بلدة الصويري بالقرب من معبر الحدود بين لبنان وسوريا.

فكيف للحرب التي أعلنها حزب الله على طريق القدس أن تتحول إلى حرب على طريق بعلبك والبقاع الغربي؟.

وأمس حضرت مأساة أطفال غزة في صلب عظة أحد الشعانين في بكركي، حيث قال البطريرك الراعي “لا ننسى أطفال غزة الخاضعين لعمليات إبادة واضحة في المستشفيات وعلى طريق الهرب، إلى جانب وقوفهم صفوفا لإلتماس حصة طعام، وسط الجوع وإنتفاء الأدوية في ما العالم معتصم بالصمت خوفا على المصالح”.

وتناول الراعي الشأن السياسي من خلال تناوله الخطايا المتزايدة بلا توبة ومنها الخطيئة الروحية والأخلاقية والإجتماعية والخطيئة السياسية التي بلغت بالفساد إلى ذروته.

أما المطران عودة فقارب الملف الرئاسي بصراحة حيث سأل في عظة الأحد “الجميع يدّعي تسهيل العملية الإنتخابية الرئاسية وينادي بضرورة إتمامها، فمن يعرقل إذن؟ “.

أما مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان فأطلق الموقف الأعلى سقفا خلال إفطار رمضاني، فشدد على أن “التسويف والتأخير في إنتخاب رئيس لجمهوريتنا هو مشروع إنتحار، بل هو الإنتحار بعينه وهو أمر مرفوض شرعا وقانونا وسياسة بكل معايير الوطن والوطنية”.

لكن على الضفة السياسية المقابلة حيث البعض أسير الشعارات والطموحات العامة والخاصة، فاللامبالاة متمادية والتجاهل مستمر وكأننا بتنا نعيش في لبنانين منفصلين، لا يجمع بينهما إلا إطالة أمد الفراغ الرئاسي، في إنتظار المجهول، هذا إذ لم نقل أننا نعيش في لبنانات أشبه بالحارات الشعبية أو أزقة البلدان المتخلفة والمتناحرة.

أما على الصعيد الميداني، فقد أفادت وسائل إعلام إسرائيلية أن الجيش اعتقل “صيدا ثمينا” في مجمع الشفاء الطبي بغزة.

وقالت إسرائيل إنها اعتمدت كمينا بـ”أسلوب مخادع” مكنها من الإيقاع بالمئات من مقاتلي حركتيْ حماس والجهاد الإسلامي، ومن بينهم عدد من مسؤولي الأمن والقادة العسكريين، خلال المداهمة الموسعة التي استهدفت مستشفى الشفاء الذي تحاصره في غزة.

وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه قتل المئات من المقاتلين واحتجز أكثر من 500 مشتبه بهم، من بينهم 358 من أعضاء حماس والجهاد الإسلامي، وهو أكبر عدد يتم اعتقاله بشكل متزامن منذ بدء الحرب قبل ما يقرب من ستة أشهر.

هذا ويواصل أهالي غزة رحلة نزوحهم من شمال إلى وسط القطاع مع استمرار الغارات الإسرائيلية دون هوادة للشهر السادس على القطاع.  فيما يتوالى الخلاف حول مجموعة من التفاصيل بين إسرائيل وحركة حماس حول صفقة تبادل الأسرى المرتقبة، التي يجري التفاوض بشأنها في الدوحة برعاية ثلاثية من الولايات المتحدة ومصر وقطر.

وكشف مصدر عربي مطلع أن واشنطن تمارس ضغوطاً واضحة على تل أبيب، من خلال وزير خارجيتها، أنتوني بلينكن، لإحراز تقدم في المحادثات والوصول إلى صفقة خلال أيام.

وأضاف: أن هناك اتفاقاً على فكرة إطلاق سراح 40 إسرائيلياً وعلى أيام التهدئة وهي 6 أسابيع، أما التفاصيل الخلافية فهي عدد الفلسطينيين الذين سيتم إطلاق سراحهم وهويتهم، فضلاً عن موضوع عودة النازحين إلى شمال غزة.

والجدير بالذكر أنه لم تتضح بعد تفاصيل المقترح الأميركي لكن وسائل إعلام إسرائيلية أفادت بأنه يتعلق بعدد الأسرى الفلسطينيين، الذين سيتم إطلاق سراحهم مقابل كل مجندة إسرائيلية.

إلى ذلك يرى مراقبون أن ما يجري الآن هو مخاض ما قبل ولادة الصفقة، وأن الوصول إلى بحث التفاصيل والخلافات بشأنها لا يعني بأي حال فشل المفاوضات وإنما قد يشير إلى العكس تماماً وهو تقدمها، بالتالي يمكن لكل طرف أن يتنازل عن جزء من التفاصيل التي يطالب بها وصولاً إلى الصفقة.

 

زر الذهاب إلى الأعلى