متفرقات

سمير جعجع في مقابلة عبر لبنان الحر بمناسبة عيد الام

لمناسبة عيد الأم، استذكر رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع محطات جمعته بوالدته الراحلة ماري حبيب الخوري جعجع في حديث خاص لإذاعة لبنان الحر مع الاعلامية كارلا عيد القصيفي، وقال: كنت ألمس في مكان ما ان والدتي فخورة بي ولو انها لم تكن سعيدة بالمسار الذي اتخذته في حياتي، لأنها كانت تفضل ان يكون لها ابن تقضي معه وقتا اكثر وتراه اكثر “ومش يكون عندا كل يوم ١٠٠ وهلة من تحت راس اذا بعدو طيّب او ميّت”.

أضاف: لدي ذكريات كثيرة من طفولتي وأجمل ما فيها انني سواءٌ كنت حزينا او سعيدا جدًا أركض وأجلس في حضن والدتي واضعا رأسي على كتفها ولكن في عمر معين نادتني الحياة وأصبحنا في مكان مختلف كليًا.

وعن طلب والدته منه استكمال دراسته التي كان تبقّى منها سنة واحدة للحصول على شهادة في الطب سأل جعجع: هل كنت سأحصل على الشهادة لأعلقها على الحائط؟ لم اكن سأمارس الطب ولا أحب أن أفعل شيئًا للصورة او الشكليات، وبالتالي فلأكمل من المكان الذي انا فيه، واذا اردت العودة الى الطب أكمل السنة السابعة وأحصل على الشهادة الجامعية وأتدرج .

وعن كيفية مرور تاريخ ٢١ آذار من كل عام عليه في المعتقل أجاب: لم أكن أركز على الاعياد لانني كنت مأخوذا بما أفعله حتى قبل المعتقل، فالعيد كان يمر بشكل طبيعي. فمنذ ايام الجامعة، وعندما اتخذت سكنا معينا لانني كنت ملاحقا من النظام السوري، لم اعد اركز على الاعياد لانني كنت ماخوذا بما افعله واعتبرت انني دخلت الحياة فعلا مناضلا فيها ومواجها، وحتى عندما كنت طالب طب كنت مأخوذا بالدراسة واتذكر كل مادة وكل تفصيل حتى اليوم.

وتابع: عندما كنت في المجتمع كنت أسمع من الناس عن حلول عيد الام، وفي المعتقل ولانني كنت في الافرادي، كان ممنوعا على احد ان يتحدث امامي، وبالتالي كنت أتذكر عيد الام حينًا وأنساه حينًا آخر.

وعما اذا شكّكت والدته ببراءته ولو لمرة من التهم التي البسه اياها النظام السوري أجاب جعجع: تانت ماري اكتر حدا بتعرف ابنها بالكون كلو. من يعرف الانسان فعلًا هي امه ، فهي تعرفه بالطبيعة والغريزة وطبعا لم تشكك والدتي يوما ببراءتي.

وتابع: لو كان النظام السوري مؤمنا ولو ١% بانني مجرم لكان عمل المستحيل ليأخذني إليه لانه لا يحب الا المجرمين، ولكن بمجرد انه فعل المستحيل وضغط وشغّل معه جانبا كبيرا من القضاء واجهزة المخابرات اللبنانية حتى يضعني في السجن، فهذا يعني انني ابعد ما يكون عن الاجرام.

وعن أكثر اللقاءات المؤثرة التي جمعته بوالدته في المعتقل، كشف جعجع عن ان اللقاء الاول كان الاصعب والاكثر تأثراً “فالقصص كانت كلها بارمة من السما للأرض” ولم تتخيل الوالدة للحظة ان ترى ابنها بهذا الوضع الذي هو فيه بعدما كانت تراه قائدًا للقوات اللبنانية وفي المحافل ومع السياسيين ورؤساء الجمهورية.

وتابع: والدي كان جامدًا على العكس من والدتي التي اعتادت بعدها على الامر واصبحت اللقاءات بيننا طبيعية .

وأشار جعجع الى ان الصفة التي ورثها من والدته هي المبادرة اذ كانت تملك أفكارًا وتضعها موضع التنفيذ وتترجمها الى خطوات عملية، هذا فضلاً عن صلابتها.

وتابع : كنت اتمنى ألّا يتوفى الله والديّ وانا في المعتقل، وهذا امر تخطيناه وشكرت ربي عليه. لم ينكسر فيّ شيء بموت والدتي خصوصًا انني أرى الحياة كما هي وبالتالي سنصل الى يوم وينتقل فيه أهلي وننتقل جميعًا، وبالتالي فان والداي ماتا ميتة طبيعية غير مفاجئة، وعندما تقترب الشيخوخة يشعر الانسان بان الوقت يحين للانتقال، وعندها نفقد عنصر المفاجأة ولا نشعر بالكثير من الفراغ.

وعما اذا كان جعجع يتقدم بأي اعتذار من والدته اليوم أجاب: لا أعلم ما اذا كان يجب ان أعتذر عن امر محدد، ولكن كانت والدتي تتمنى أن اقضي معها وقتا أطول، فالاهل يحبون الجلوس مع اولادهم والكلام معهم لساعات وهذا امر طبيعي.

وقال: انا طبقت قول جبران: اولادكم ليسوا لكم انهم أبناء الحياة، لانني كنت أثق بأن كل دقيقة في الحياة هي مهمة لاترجم الأشياء التي أؤمن بها. لم يكن ينقص أهلي اي شيء، بقدر ما أعطاني الله للوقوف إلى جانبهما، وكنت اتابعهما لحظة بلحظة من مكاني، لكن ظروفي الامنية كانت تمنعني من زيارتهما كما أريد، حيث كان منزلهما نوعًا من المصيدة، فهو منزل معروف ويمكن ان اتوجه اليه في اي وقت، وهذا هو الشيء الوحيد الذي كان ينقصهما، ان يقضيا وقتًا أكثر مع ابنهما، وهو ما كنت أتمناه ايضًا.

واعتبر رئيس القوات انه بقدر ما تخاف الامهات على اولادهن بقدر ما يعرّضنهم للخطر. وقال: ما بدها خوف. الاكيد ان وضع لبنان مخيف وصعب وانا لا أقلل من محاذيره، ولكن على الانسان ان يتمالك نفسه ويتصرف بوعي وحكمة اكبر وهدوء وصلابة، فبقدر ما يخاف المرء أمام الدنيا بقدر ما هي” تأكله “. على المرء ان يفعل ما ينبغي فعله، فهذا هو الدواء لكل شيء. أمّا الخوف فلا يحقق شيئا الا انه يقرّب الخطر أكثر .

وتمنى ان تنتبه كل أم في لبنان لهذه الامور وألا تخاف على ابنها “حتى ما يطلع خوّيف وما بيعود يعرف يعمل شي” وان تضبط نفسها و”تسلّمها” الى الرب، فأفضل طريقة ان تتكل على الله بعد اتمام واجباتها كلها، ومن لا يتكل على الله، يصبح في مكان آخر كليًّا.

ووجه رئيس القوات رسالة الى الامهات في عيدهنّ قائلًا: وضع الأم في لبنان صعب وقاسٍ وفي الظروف التي نعيش اليوم، على الام ان تبذل جهودًا مضاعفة واضافية عما ينبغي في ما لو كنا في مجتمع طبيعي، لكن لا يمكن حل هذا الوضع الصعب اذا هربنا منه او شتمناه او لعنّاه. الحل ان تعلّم الامهات أبناءهنّ ما يلزم، وان يمتلك الأبناء الايمان ويعملوا ما يجب كي يساهموا في تغيير الوضع الصعب حتى يصبح طبيعيًا كما هي الحال في باقي المجتمعات في الوقت الحاضر.

وأردف: أعلم ان ما أقوله ليس سهلًا لكنني أعني كل كلمة، والّا لأصبحنا نتخبط في الأزمة خارج هذا الإطار. فمثلا اذا أُلقِيَ أحدهم في البحر، فأسوأ ما يحصل ان يتخبط في الماء، فعندها يغرق أكثر فأكثر، والأفضل ان يحافظ على نفسه ويسبح شيئًا فشيئًا للوصول الى شاطئ الأمان.

وختم: أقول للأم في لبنان: نحن نحاول الاقتراب وتقريب شطّ الأمان بكل ما استطعنا، ولكن يجب ان تضعن ايديكنّ بايدينا من خلال تنشئة الاولاد، حتى نستطيع الوصول معا الى شاطئ الامان ان شاء الله.

زر الذهاب إلى الأعلى