سياسة

البطريرك الراعي : نوجه ادانة كبيرة للمجتمع الدولي الصامت والخجول أمام هول حرب غزة الإباديّة المنظّمة

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس الاحد في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي عاونه فيه المطارنة: حنا علوان، حنا رحمة ، سيمون فضول، وانطوان طربيه، امين سر البطريرك الاب هادي ضو، رئيس مزار سيدة لبنان_حريصا الاب فادي تابت، ومشاركة عدد من المطارنة والكهنة والراهبات، في حضور النائبين ابراهيم كنعان وزياد الحواط، الوزير السابق ناجي البستاني، مدير العناية الطبية في وزارة الصحة الدكتور جوزيف حلو، القنصل شربل نصار، الأمينة العامة للمؤسسة المارونية للانتشار هيام البستاني، عائلة المرحوم نقولا الياس ابو مراد ، عائلة المرحوم جوزيق الشرتوني، وحشد من الفعاليات والمؤمنين. 

بعد الانجيل المقدس القى الراعي عظة بعنوان:”بعد ثلاثة أيّام وجداه في الهيكل” (لو 2: 46)، قال فيها: “في هذا الأحد الذي يلي عيد الميلاد، تحتفل الكنيسة بعيد العائلة المقدّسة: يوسف ومريم ويسوع. وفيها إعتلان لبنوّة يسوع الإلهيّة، ولدخول العائلة المسيحيّة في تصميم الله الخلاصيّ، ولرسالتها الخاصّة كمدرسة طبيعيّة لنموّ أولادها الجسديّ والثقافيّ والروحيّ، ولإدراجهم في حياة الكنيسة هيكلًا وجماعة مؤمنة. هذا ما أوحاه وجود يسوع إبن الإثنتي عشرة سنة في الهيكل، وبقاؤه ثلاثة أيّام بين العلماء (راجع لو 2: 46). نلتقي معًا للإحتفال بهذه الليتورجيا الإلهيّة، ونحن في اليوم الأخير من سنة 2023. فنشكر الله عليها بحلوها ومرّها، ونشكره على كلّ النعم والبركات والخيرات التي أغدقها علينا، وعلى أنّه حفظنا في نعمة الوجود على الرغم ممّا سادها من قتل وعنف وحرب ونزاعات وميتات في غير مكانها. فإذ أرحّب بكم جميعًا، أدعوكم لرفع صلاة الشكر هذه، سائلين الله أن يبارك العام الجديد 2024 ويجعله سنة خير وسلام”.. …


وتابع : لقد أفسدت الخطيئة صورة العائلة وطبيعتها وانسجام حياتها. فنرى الحقد والبغض والكراهية في الأعمال والمواقف والأقوال. ونجد الحروب والنزاعات والقتل والتهجير بسبب غطرسة وكبرياء الممسكين بزمان الحكم، وهم يبعدون الله الخالق ويجلسون مكانه، ويُنصِّبون ذواتهم أسياد الحياة والموت.
من هذا المنطلق، لا نستطيع إيجاد كلمات لإدانة حرب إسرائيل المتعجرفة والمتباهية بأسلحتها المتطوّرة الموهوبة لها، على شعب غزّة بأطفالها ونسائها ومسنّيها في بيوتهم الآمنة والمستشفيات والمساجد والكنائس. وقد فاق عدد القتلى الإثنين وعشرين ألفًا ما عدا آلاف المفقودين تحت الأنقاض. إنّ إله أرباب هذه الحرب هو صنم السلاح والقتل والهدم وإراقة الدماء.
والإدانة الكبيرة نوجّهها إلى المجتمع الدوليّ الصامت والخجول أمام هول هذه الحرب الإباديّة المنظّمة، وقتل المدنيّين العزّل المبرمج، وصمتهم إمّا خوفًا، وإمّا خجلًا، وإمّا تأييدًا. ولكن ظنًّا من إسرائيل والمجتمع الدوليّ الصامت أنّ بهذه الحرب تُصفّى القضيّة الفلسطينيّة ويُنتهى من المطالبة بحلّ الدولتين وعودة اللاجئين إلى أرضهم. فإنّهم بالحقيقة مخطئون. فالظلم يولّد ظلمًا، والحرب حربًا. وأمّا العدالة وحقوق الإنسان والشعوب فتأتي عن طريق السلام النابع من الله وقلب الإنسان.

  1. ونرفض إمتداد هذه الحرب إلى جنوب لبنان، فيجب إيقافها وحماية المواطنين اللبنانيّين وبيوتهم وأرزاقهم، فهم لم يخرجوا بعد من نتائج الحرب اللبنانيّة المشؤومة. ونطالب بإزالة أي منصّة صواريخ مزروعة بين المنازل في بلدات الجنوب التي تستوجب ردًّا إسرائيليًّا مدمّرًا. أهذا هو المقصود؟ فليحترم الجميع قرار مجلس الأمن 1701 بكلّ بنوده لخير لبنان. ونأسف للصدامات الثلاثة الإعتدائيّة على القوّات الدوليّة في غضون ساعات وعلى التوالي في كلّ من بلدة الرماديّة، وبلدة الطيبة الحدوديّة، وبلدة كفركلا الأماميّة، بهدف الحدّ من تحرّكها. ونوجّه بالمقابل الشكر تكرارًا للدول المشاركة في هذه القوّات الدوليّة لحفظ السلام في الجنوب.
  2. في هذا السياق ندين الحملة التحريضيّة والمسيئة والخارجة عن الأخلاق والحقيقة التي وُجّهت في الأسبوع المنصرم إلى سيادة أخينا المطران موسى الحاج رئيس أساقفة حيفا والأراضي المقدّسة إنّه السادس في سلسة المطارنة الذين تعاقبوا على الأبرشيّة وعرفناهم شخصيّأ وهم البطريرك الكردينال مار بولس بطرس المعوشي، والمطارنة: ميخايل ضوميط ويوسف الخوري ومارون صادر وبولس الصيّاح. ولنا رعايا مارونيّة عديدة في فلسطين المحتلّة. إنّ سيادة المطران موسى الحاج يسير على نهجهم في إدارة الأبرشيّة والحكمة في التعاطي مع سلطة الأمر الواقع. إنّنا نرفض وندين كلّ ما كُتب بحقّه في وسائل التواصل الإجتماعيّ أو قيل كذبًا في محطّات التلفزة والإذاعات، وما سُمّي “إخبارًا” كلّ هذه تمسّ بشخص هذا الأسقف المارونيّ الوقور وكرامته الأسقفيّة وفينا شخصيًّا “كأب ورأس” للكنيسة المارونيّة، وتستوجب الملاحقة القضائيّة لأصحابها المغرضين.
    ومعلومٌ أنّ سيادة المطران موسى الحاج لم يكن مشاركًا في الزيارة للرئيس الإسرائيليّ، لإنشغاله في مكان آخر في الأبرشيّة. فلو عرف هذه الحقيقة ولم يتجاهلها عمدًا، ذاك المدعوّ “أمين سرّ لقاء مستقلّون من أجل لبنان”، لوفّر على نفسه كتابة مقالته الكاذبة المنشورة في إحدى الصحف، ولإستحقّ الملاحقة القضائيّة بسبب قدح وذمّ مجّانيّ بحقّ أسقف يستحقّ كلّ الكرامة.
  3. إنّ العائلة كمدرسةٍ طبيعيّة تربّي على محبّة الوطن. بالطبع ليس على هذه المحبّة تربّى محبّو الفوضى والنفوذ، وناقضو الدستور، ومعطّلو انتخاب رئيس للجمهوريّة اللبنانيّة، ومعه تعطيل انتظام المؤسّستين الدستوريّتين: المجلس النيابيّ والحكومة وكوادر الإدارات العامّة والقضاء والأجهزة العسكريّة. إلى متى يستمرّ هذا التعطيل؟ يقولون: القضيّة عند الموارنة. هذا غير صحيح، بل القضيّة عند المجلس النيابيّ ورئيسه. فالموارنة يؤمنون بالديمقراطيّة وهي ثقافتهم، ويتقيّدون بمقدّمة الدستور التي تنصّ على أنّ “لبنان جمهوريّة ديمقراطيّة برلمانيّة” (ج)، ويقتضي إنتخابًا ديمقراطيًّا. إنّ المرشّحين الموارنة ممتازون، فلينتخب المجلس النيابيّ واحدًا منهم، إذا كان حقًّا سيّد نفسه!
  4. لنصلِّ أيّها الإخوة والأخوات من أجل حماية العائلة وصون دورها التربويّ لمجد الله وتسبيحه: الآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين.
زر الذهاب إلى الأعلى