سياسة

البطريرك الراعي يحذر من انتفاضة شعبية قبل اختتام إقامته في الديمان والانتقال الى بكركي

اشار البطريرك الماروني الكردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي الى انه” إذا لم يَنتِفض النوابُ على أنفسِهم ولم يَنتخبوا رئيسًا وطنيًّا وسياديًّا ومؤهَّلًا لتَسَلُّمِ مقاليدَ الحكم، فلا يَلُومَنَّ الشعبَ إذا انتفضَ عليهم جميعًا” .
وأعرب ” عن خشيته من ان يستمر ربط جلسة الانتخاب بتوافق لا يحصل وتنتهي المهلة الدستورية من دون توافق ومن دون انتخاب رئيسك .
وسأل “كيف لمجلس نيابي ان يعتبر الشغور الرئاسي هو الممكن والانتخاب هو المستحيلك ،كما سأل” اين المرشحون الجديون الذين يوحون بالثقة إن انتخبوا أكانو مرشحي تحد أم مرشحي توافق” . ولفت الى انه” على القوى اللبنانية المؤمنة برسالة لبنان ان تمنع حصول الشغور” .
كلام البطريرك جاء خلال ترؤسه قداس الاحد الثالث بعد الصليب في كنيسة الصرح البطريركي في الديمان .يعاونه القيم البطريركي الخوري طوني الآغا والخوري يوسف جنيد وامين الديوان الخوري خليل عرب .وحضور النائب ويليام طوق ورئيس الرابطة المارونية خليل كرم واعضاء الرابطة وفوج الكشاف الماروني في حرف اردة وعدد من المؤمنين وبعد تلاوة الانجيل المقدس القى البطريرك عظة بعنوان:
“حيث تكون الجثّة، هناك تجتمع النسور” ( متى 24: 28).
قال فيها : في سياق حديث الربّ يسوع عن نهاية العالم ومجيئه الثاني بالمجد ديّانًا، إستعمل صورة النسور التي بتحليقها في الفضاء تشمّ رائحة الجثّة، قتتحلّق حولها للدلالة على أن المؤمنين والمؤمنات الذين يسمون بالفضائل يعرفون المسيح الآتي في حياتهم اليوميّة ومكان وجوده، وكذلك الأبرار والقدّيسون في مجيئه الثاني بالمجد. ترمز “الجثّة” إلى آلام المسيح، “الحمل الذي سيق إلى الذبح” (أشعيا 53: 7). عند مجيئه الثاني، كما في مجيئه اليوميّ في سرّ القربان، يجتمع القدّيسون كالنسور حول مذبحه ويرتفعون بذبيحته إلى عرش الحمل المذبوح في السماء. فالنسور يمثّلون القدّيسين الذين حلّقوا بفضائلهم وقداسة حياتهم إلى أعالي السماء. نقرأ في كتاب المزامير: “القدّيسون يتجدّد شبابهم كالنسور” (مز 103 (102)، 5). فلا بدّ عند الإحتفال بالذبيحة القربانيّة من التخشّع مدركين حضور القدّيسين حول المذبح، فنضمّ قرابين أعمالنا الصالحة إلى القربان الإلهيّ، ونسمو معهم إلى قمم الروح بالفضائل الإلهيّة والإنسانيّة.
واضاف: إنّ اللقاء بالمسيح ورؤيته يقتضيان من كلّ مؤمن ومؤمنة الإرتفاع إلى قمم الروح، قمم الإيمان والصلاة والأخلاق. لا يستطيع المنغمس في المسائل الدنيويّة والأنانيّة والكبرياء واللا أخلاقيّة أن يلتقي المسيح ويصغي إلى صوته ويلتمس نعمة خلاصه، ما لم يسمو بفضائل الإيمان والرجاء والمحبّة، وبالفضائل الإنسانيّة.
تحتفل الكنيسة اليوم بأحد الورديّة، وجرت العادة التقويّة بتلاوة مسبحة الورديّة، كلّ يوم وطيلة شهر تشرين الأوّل الذي بدأ. في ختام هذه الليتورجيّا الإلهيّة، سنصلّي مسبحة الورديّة سويّة، مخصّصين كلّ بيت من أبياتها للتأمّل في سرّ من الأسرار الأربعة: الفرح والنور والألم والقيامة، وننهي بزيّاح العذراء. وتستطيعون تلاوتها معنا كلّ مساء كالعادة الساعة السادسة عبر محطّة تلي لوميار-نورسات و Facebook. يسعدنا أن نحتفل معًا في هذه الليتورجيا الإلهيّة التي نختتم بها، بالشكر لله الفترة التي قضيناها في كرسينا البطريركيّ في الديمان على مشارف الوادي المقدّس، ومقرّ سيّدة قنوبين البطريركي. حيث عاش عدد كبير من بطاركتنا مع أساقفة طيلة أربعماية سنة، في عهد العثمانيّين، من سنة 1440 إلى 1840 قبل الإستقرار في بكركي والديمان. فكنّا نتأمّل مع زائرينا كم ضحّوا وناضلوا وصمدوا من أجل حماية ثلاثة: الإيمان والحريّة والإستقلاليّة. وهي أسس بُني عليها لبنان، وتشكّل مصدر قيمه الروحيّة والثقافيّة والأخلاقيّة والوطنيّة.
ويطيب لي أن أحيّيكم جميعًا مع الترحيب ، بفوج كشّافة لبنان في بلدة حرف أرده العزيزة التي زرناها مؤخّرًا وباركنا لهذا الفوج بيوبيله الذهبيّ، إنّنا نجدّد لهم التهاني ونشكر مرشدهم حضرة الخوري يوسف جنيد، على مرافقته الروحيّة والتوجيهيّة لهم.
وتابع: إنّنا نواصل صلاتنا من أجل انتخاب رئيس للجمهوريّة قبل الحادي والثلاثين من هذا الشهر الأخير من المهلة الدستوريّة. وأوّل ما نرجو أن يسبق التوافق على اسم المرشّح المتّصف بالمواصفات التي يجمعون عليها، رؤيةٌ مُوحَّدةٌ وطنيّةٌ واقتصاديّةٌ للحكمِ ولعَلاقاتِ لبنانَ العربيّةِ والدوليّة، بحيث تتّفق عليها جميع القوى السياسيّة. وما نَخشاه، أن يَستمرَّ ربطُ جلسةِ الانتخابِ بتوافقٍ لا يَحصُلُ، فتَنتهي الـمُهلةُ الدستوريّةُ من دون توافقٍ ومن دونِ انتخاب رئيس. وهذا مرفوض بالمطلق لأنّه جريمة بحقّ الشعب اللبناني والدولة في حالتيهما الراهنتين.
وسأل :كيف لمجلسٍ نيابيٍّ أنْ يَعتبرَ الشغورَ الرئاسيَّ هو الممكِنُ، والانتخابَ هو المستحيل؟ أين الضميرُ؟ وأين المسؤوليّةُ الفرديّةُ والوطنيّة؟ وأين المرشَّحون الجِدِّيون الّذين يُوحُون بالثقة إنِ انتُخِبوا، أكانوا مُرشَّحِي تحدٍّ أم مرشّحِي توافق؟ ليست الرئاسةُ تتويجَ مسيرةِ حياةٍ خاصّةٍ، بل تتويجًا لمسيرةٍ وطنيّةٍ في خِدمةِ القضيةِ اللبنانيّة.
وما نخشاه أيضًا أنّ تَسليمِ نوّابٍ بحصولِ شُغورٍ رئاسيٍّ لا يعود إلى انتظارِ الاتّفاقِ على اسمِ رئيسٍ، بل إلى تَموضُعٍ من شأنِه أن يُحدِثَ شغورًا دستوريًّا يؤدّي إلى تغييرٍ في مقوِّماتِ البلاد، وماهيّة الوجود اللبنانيّ الحرّ، في ظلِّ الشغورِ الرئاسيِّ والتخبطِّ الحكوميّ. لذا، يَجدُر بالقِوى اللبنانيّةِ المؤمنةِ برسالةِ لبنان أن تَمنعَ حصولَ ذلك، وتحافظَ بجميعِ الوسائلِ الناجعةِ على لبنان التعدّديِّ، المدنيِّ، الديمقراطيِّ، الموَحَّدِ في كنفِ دستورٍ لامركزيٍّ توافَقْنا عليه. وهذه أمانةٌ في عُنْقِ كلِّ مواطنٍ وجماعة.
واردف قائلا :مع رغبة الشعب اللبنانيّ الكاملة بتأليفِ حكومةٍ جامعةٍ وقادرةٍ، فإنَّ إلهاءَه بالاجتهاداتِ الدستوريّة وبكيفيّةِ انتقالِ صلاحيّاتِ رئاسةِ الجمهورية إلى مجلس الوزراء، وهي شؤون باتت وراءه. فالغَليانُ الشعبيُّ اليوم تخطّى هذا المنطِق وأدركَ أنَّ عدمَ انتخابِ رئيسٍ جديدٍ هو فعلٌ إراديٌّ وتخريبيٌّ وتدميريٌّ لضربِ المركَزِ الأوّلِ والأساسيِّ في الدولة، ومن خلالِه كلِّ بنيتها الدستوريّةِ والوطنيّة.
وحين يقوم الشعبُ على مسؤولين أساؤوا الأمانةَ التاريخيّة، تسقطُ الاجتهاداتُ وتَفقِدُ قيمتَها. الشعبُ لا يَهتمُّ بدستوريّةِ انتقال صلاحيّات الرئاسة الأولى، بل يسأل لماذا لم تَنتخبوا رئيسًا ؟ وإذا لم يَنتِفض النوابُ على أنفسِهم ولم يَنتخبوا رئيسًا وطنيًّا وسياديًّا ومؤهَّلًا لتَسَلُّمِ مقاليدَ الحكم، فلا يَلُومَنَّ الشعبَ إذا انتفضَ عليهم جميعًا.
وختم: نصلّي إلى الله، بشفاعة أمّنا مريم العذراء، سلطانة الورديّة المقدّسة، أن يستجيب صلاة شعبنا وصراخ آلامه وفقره وحرمانه، ويدخلنا في فجر جديد بانتخاب رئيس للجمهوريّة، وتشكيل حكومة كاملة الأوصاف والصلاحيّات. له المجد والشكر إلى الأبد.
وبعد القداس استقبل غبطته في صالون الصرح النائب طوق ورئيس الرابطة والاعضاء والمشاركين في الذبيحة الالهية وقدم المرشد الروحي لكشاف لبنان فوج حرف اردة الخوري جنيد درعا تكريمية للبطريرك والقى كلمة طلب فيها بركة غبطته للكشاف والرعية واشار فيها الى ان الزيارة للصرح تأتي بمناسبة اليوبيل الذهبي لتأسيس الكشاف وتابع:رفعنا ذبيحة الشكر مع الكشاف والرعية على نية غبطتكم ليبقى صوتكم صوت الانبياء والبطاركة العظام في الدفاع عن لبنان وعن حقوق شعبكم .

وعصرا اختتم البطريرك الراعي إقامته الصيفية في الصرح البطريركي في الديمان متوجها الى بكركي وكان في وداعه القيم البطريركي في الديمان الخوري طوني الآغا وامين الديوان الخوري خليل عرب والراهبات المقيمات في المقر والعاملين فيه متمنين له الصحة الدائمة وطالبين بركته الابوية الدائمة على أمل اللقاء مطلع الصيف المقبل لتتبارك الديمان والمنطقة بحضوره.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى