مقالات

الممانعة تسعى إلى فرض رئيس من فريقها. وترسم خطتها في بسط سيطرتها على البلد

 

بقلم الكاتب والصحافي صفوح منجد

 نشر في موقع ناشطون

يبدو أن الأزمات التي يتخبط بها لبنان أرضا وشعبا ومؤسسات من جراء تفاقمها وبالتالي عدم التوصل إلى حلول جذرية بإمكانها أن تضع البلد على سكة الخلاص قد وصلت إلى “أبو موزة” كما يقول الطرابلسيون عندما يريدون الإشارة إلى أمر قد أصبح معه من العسير الوقوف على حلول مرجوّة، وبالتالي فإن الأمور أصبحت أقرب إلى المجهول من جراء غياب اي حلول تلوح في الأفق، حيث يسود الإعتقاد أن الأمور الاساسية التي عانى ويعاني منها لبنان منذ اشهر هي في حكم الجمود وفي مقدمها الإنتخابات الرئاسية وتعيين حاكم جديد لمصرف لبنان ومتابعة ازمة النزوح وإنعكاساتها على الأوضاع المحلية إقتصاديا وإنمائيا وأمنيا ويضاف إليها تعيين قائد جديد للجيش اللبناني مع إقتراب موعد شغور المركز الذي يشغله اللواء جوزاف عون.

وفي هذا الإطاريتخوّف المراقبون من حصول خضات وإرباكات من شأنها دفع البلد إلى مزيد من الإضطرابات، ما لم يلجأ المسؤولون أو من تبقى منهم (!) إلى ضبط الأوضاع ومنع تفجرها في وقت ما يزال السلاح في يد أطراف معينة تلجأ إلى التلويح به وإستخدامه وإستغلال الظروف لتحقيق المكاسب لصالحها ومحاولة إجبار اللبنانيين للخضوع لمآربها تماما كما هو حاصل اليوم بالنسبة لفرض أحد مرشحيها أو من تُزكّيه ليتم إنتخابه رئيسا للجمهورية.

ذلك الفريق الذي لطالما شنَّ “الغارات” و “الغزوات” في العديد من المناطق والقرى والبلدات وحتى في العاصمة بيروت وضواحيها، والتي أقل ما يقال عنها أنها مخططات جرمية وعنفية تحرّض على تمزيق الوطن وشرذمة أبنائه وللحيلولة دون حصول إستقرار نهائي للأوضاع اللبنانية قبل أن يستفيد معها هذا الفريق من بسط سلطته ووضع يده بالكامل على مقدّرات ومؤسسات هذا البلد وحاضره ومستقبله وفرض شروطه وتطلعاته.

وفي هذه الأجواء يترقب اللبنانيون وصول المبعوث الفرنسي لودريان إلى لبنان خلال اليومين الآتيين قادما من باريس حيث أطلع الرئيس الفرنسي على نتائج وأجواء اللقاء الذي عقدته اللجنة الدولية الخماسية في قطر للبحث في الأوضاع اللبنانية وبصورة خاصة للمساهمة في تذليل العقبات أمام إنتخاب رئيس جديد للبنان في ضوء الشغور في سدة الرئاسة الأولى الذي مضى عليه 9 اشهر دون التمكن من ظهور “مولود جديد” وما يشهده هذا الإستحقاق من خلل وصعوبات إستدعى تحركا من قِبل الهيئة الخماسية والتي تضم ممثلين عن كل من فرنسا، مصر، السعودية، قطر، وأميركا، للمساهمة في إنجاز هذا الإستحقاق وإنقاذه من الخلل والصعوبات التي أرجأت “الولادة” مراراً سواء على صعيد مجلس “الحكماء” حيث عقد أعضاؤه 13 جلسة على إمتداد الاشهر السابقة، وكذلك جرى عرض الإشكاليات التي تعاني منها “الولادة المتعثرة” وحالت وتحول دون أن يبصر الجنين النور بشكل طبيعي وصحي، وإتقاء اللجوء إلى “غرفة العمليات” مما قد يتسبب بخلقة مشوّهة من جراء كثرة المشرفين وإمكان حصول نزاع وخلافات بينهم تتعلق بالإجراءات الميدانية لاسيما إذا صادفتهم حتمية الإختيار بين المنتظر من 9 أشهر أو إنقاذ البلد، ليشتد النقاش والإشتباك فيضيع البلد وتبقى حالة البؤس والتعتير والظلم والتهجير وليلف الغموض مختلف ملفات الشغور الأخرى.

لذلك ينصب الإهتمام ويتركز على المواعيد التي سيتم تحديدها للقاءات لودريان في لبنان مع المسؤولين وقيادات الصف الأول الأمر الذي قد يؤكد مدى إهتمام فرنسا بالأزمة اللبنانية ومتابعتها إيجاد الحلول لها بعد أن طُويت مسألة الحوار التي سبق أن طُرحت سابقا وتبخّر جدواها مع إستبعاد ترشيح سليمان فرنجية من قِبل الثنائي الذي يُصرّ على قراره بدعمه خلافا لما أُعلن سابقا عند إنتهاء الجلسة الأخيرة لمجلس النواب ووفق ما تمّ إعلانه خلال إجتماعات اللجنة الخماسية في الدوحة.

وفي غضون ذلك برز مؤخرا عدّة تصريحات من قادة ومسؤولين في “حزب السلاح” عن موافقتهم المشاركة في أي حوار مع أطراف “الفريق الآخر” للبحث في المسألة الرئاسية ومواصفات الرئيس الجديد الذي تريده “المقاومة” وفي مقدمها أن يكون مؤيدا لأهدافها (؟) وأن يكون داعما لسلاحها ولخطها الإستراتيجي. مما دفع بالعديد من القوى الوطنية للتساؤل عن جدّية هذه المواصفات في الوقت الذي تتكشف معه حقيقة النوايا التي يبتغيها هذا الفريق من وراء تلك المواصفات التي لطالما سعى إليها الحزب ويتبناها وكانت ولم تزل السبب الرئيس في الخلاف مع الأكثرية الساحقة من اللبنانيين الذين لمسوا مبكرا أهداف وتطلعات حزب السلاح لفرض قوانين تهدف إلى بسط سيطرة المحور الإيراني على مجمل الساحة اللبنانية، من خلال هذه الاساليب التي لطالما تبناها وسعى إليها الحزب وهي المفتاح للإنقضاض بشكل خفي وبعيد عن أنظار ومسمع بقية الأطراف الدولية والعربية دون أن تتحسّب لأي تحرك وطني وعربي ودولي ضد هذه المخططات التي لم ولن يكون لها أيّ فاعلية على أرض الواقع سوى التسبب بالمزيد من الخراب والدمار، وبالتأكيد سيكون لها التأثير المباشر في “تأليب” معظم اللبنانيين ضد “شهوات الحكم” هذه وعلى الرغم من ترسانتها العسكرية وتصاريحها وبياناتها الخاوية والجوفاء.

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى