جاء فيها: لم استغرب صفات الود والبساطة والطيبة التي لمستها في شبيب دياب حين تعرفت عليه في اوائل التسعينيات، عندما احتضنتنا الهيئة التنفيذية الاولى لرابطة الاساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية بعد تفريع هذه الجامعة كثمن باهظ من اثمان الحرب الاهلية التي اندلعت في نيسان ١٩٧٥ وشطرت العاصمة الجميلة بيروت شطرين متباعدين. وكانت هذه الاداة النقابية المتجددة قد خرجت من رحم حراك اكاديمي وجامعي واسع، لعبت فيه قيادة الرابطة التاريخية والمنتخبة في اوائل السبعينيات دورا رئيسيا في هذا الحراك. شكلت القيادة التاريخية جسرا اكاديميا ونقابيا وأخلاقيا متينا، عبر عليه الاف الاساتذة الطامحين لاعادة النبض للحياة الاكاديمية في الجامعة اللبنانية الخارجة من اتون العواصف الاهلية. هذه الجامعة عمل لها و ناضل من اجل انشائها ودافع عنها وحماها اللبنانيون بنسيجهم المتنوع على مدى عقود برموش العيون حتى اصبحت صرحا اكاديميا وثقافيا ووطنيا كبيرا، نافس الجامعات العريقة في لبنان واكسب خريجيها المتفوقين مكانة مرموقة في الجامعات الكبيرة في العالم المتقدم.
اطلقت عليهم مجازا في بعض مقالاتي في التسعينيات صفة “اواخر الرجال المحترمين”. هذا الشعار اخذته من فيلم “اخر الرجال المحترمين” من تمثيل القدير الراحل نور الشريف والذي يلعب فيه دور مدرس من الزمن الرومانسي يواجه ازمة انسانية في الزمن الفاجر وفي مدينة عملاقة تتقلب فيها الناس فوق بعضها كتقلب حبات الرمل في ساعة العرب الرملية، على ما يصف نزار قباني في احدى تجلياته النقدية للواقع العربي بعد خفوت المحاولات النهضوية والحداثية تحت وطأة الصراعات القبائلية والغزو الكولونيالي وصعود الديكتاتورية والتطرف الديني.