سياسة

عودة: أليس ضروريا وجود رئيس لديه رؤية واضحة لإنقاذ ما تبقى من هذا البلد؟

 

ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة خدمة القداس الإلهي في كاتدرائية القديس جاورجيوس.

بعد الإنجيل ألقى عظة قال فيها: “يأتي إنجيل اليوم بعد وصية الرب يسوع بألا نكنز كنوزا على الأرض حيث تسرق ويأكلها السوس، بل في السماء حيث لا سوس ولا سرقة، واضعين القلوب فوق، كما نسمع في القداس الإلهي. يقول لنا الرب: «سراج الجسد العين، فإن كانت عينك بسيطة فجسدك كله يكون نيرا وإن كانت عينك شريرة فجسدك كله يكون مظلما، وإذا كان النور الذي فيك ظلاما فالظلام كم يكون؟». العين البسيطة هي عكس العين ذات الرؤية المتعددة، التي تطلب الله يوما، لكنها تعود لطلب العالم أياما، فلا تشبع من مغرياته. من يريد كنز كنوزه في السماوات يركز نظر عينه على السماويات فقط، ويكون مشتهاه أن تكون السماوات سكناه الأبدية، فيستهين بالعالم حاسبا إياه نفاية كما يقول بولس الرسول (في 3: 8).”

وسأل: “ألا يستطيع مصدر الحياة أن يحافظ على خليقته؟ هل يستحق الإنسان لقب مؤمن إن كان يلهث فقط وراء معيشته، ويهمل نفسه؟ كثيرون يتعبون طوال الأسبوع لكي يؤمنوا لقمة العيش، ويهملون نهار الأحد معتبرينه يوم راحة، لا يوم سعي وراء طعام روحي يحيي النفس، أعني جسد الرب ودمه الكريمين. نحن نفتقر في بلدنا إلى العيون البسيطة، بدءا من المسؤولين، وصولا إلى بعض فئات المجتمع. فالمسؤولون عيونهم شاخصة إلى أماكن عديدة ما عدا الوطن. عيونهم فقدت بساطتها مذ قرروا النظر إلى مصالحهم الشخصية، وإلى زعماء طوائفهم وأحزابهم وجماعاتهم، ورذلوا الأهم، أي خلاص الوطن وأبنائه. كذلك، كثيرون من المواطنين قرروا أن يفقدوا بساطة عيونهم، وأن ينظروا إلى جيوبهم على حساب إفقار أخيهم في الإنسانية والوطن. حبذا لو يكون الله والوطن الهدفين الأساسيين أمام عيون المسؤولين والشعب، لكانوا تخلوا عن أنانياتهم وكبريائهم وقاموا بواجباتهم، ولكنا نعيش في جنة الفردوس. بسياساتهم الملتوية،

ووعودهم غير الصادقة دفع المسؤولون الشعب إلى الإهتمام بتأمين المأكل والمشرب والألبسة والأدوية فقط، ما حد من تطلعات الشعب وتقدمه، وأصابه بضياع شديد أبعده عن الهدف الأسمى، أي خلاص النفس والاقتراب من الله. ما الذي يمنع المسؤولين من الإقدام على إصلاح ما فسد؟ ماذا يؤخر انتخاب رئيس لو صفت النيات وصدقت الأفواه؟ ما الذي يمنع إنقاذ هذا البلد لو كانت العيون بسيطة والعقول نيرة والقلوب منفتحة؟ مشكلتنا الكبرى هي نقص المحبة وقلة المسؤولية وغياب القرار. أليس ضروريا وجود رئيس لديه رؤية واضحة لإنقاذ ما تبقى من هذا البلد؟ ألا يمنع وجود رئيس وحكومة مسؤولة اتخاذ قرارات متسرعة وأحيانا مسيئة، خاصة إذا كانت تطال مجال التربية الذي تراجع في السنوات الأخيرة وهو بحاجة إلى إصلاح جذري وقرارات حكيمة؟ فبعد تقزيم المنهج التعليمي يأتي إلغاء الشهادة وإعطاء الإفادات كضربة قاضية على ما تبقى من مستوى التعليم الذي كان مفخرة لبنان”.

وختم: “الأنانية المسيطرة على النفوس، والتعنت والمصلحة أفسدت علاقات البشر وحياتهم وأفقدتهم روح التضحية وأعمتهم عن رؤية الحقيقة. لذلك دعوتنا اليوم أن نعود إلى الرب خالقنا بتوبة صادقة، ونلقي عليه كل همومنا، لأنه الوحيد القادر على انتشالنا من أحلك الظلمات. علينا أن نؤمن به وحده، ونثق بأنه سيقيمنا من الظلام الذي أوصلنا إليه أبناء جنسنا، ويملأ قلوبنا نورا وفرحا، وهو الذي صلب من أجلنا ليقيمنا معه إلى حياة أبدية لا تزول”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى