مقالات

الفراغ الرئاسي طوى شهره الخامس دون بصيص نور.    والمراقبون يتوقعون إحتمال إنجاز الإنتخابات بعد شهرين.    تطبيع العلاقات السعودية – الإيرانية، ورئيسي قريبا في الرياض

 

بقلم الكاتب والصحافي صفوح منجّد

نشر في موقع ناشطون

وسط إحتدام الأزمات الإقتصادية والمعيشية في لبنان وتفاقم القضية المالية بصورة خاصة وإستمرار تسجيل سعر الدولار قفزات “مخيفة” من شأنها الدفع بالمواطنين إلى مزيد من الفقر والجوع والمعاناة في وقت لا يبدو معه أن أحدا من المسؤولين مهتم بإيجاد “الكوّة” التي يمكن أن ينفذ من خلالها هذا اللبناني “المعتّر” إلى بر الأمان في المدى المنظور.

في خضم هذا الوضع المأساوي بدأت تلوح بعض المساعي والخطوات الإقليمية والعربية والدولية التي يمكن أن تطرح حلولا إنقاذية لإنتشال لبنان واللبنانيين  من هذه الأوضاع المأزومة وإن كانت الصعوبات والعراقيل والتدخلات من قِبل الجهات غير الراضية عمّا طرأ من تحولات في المنطقة وفي الإقليم خلال الفترة القريبة الماضية.

وقد تمثلت الأجواء الإيجابية بسلسلة تطورات منها على الصعيد الأمني، ما صدر عن المتحدث بإسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني حيث قال في بيان: “ان الأجواء الإيجابية للعلاقات بين بلاده والسعودية ستكون سببا لحل الأزمة في اليمن، مؤكدا أن الإتفاق السعودي – الإيراني ستكون له نتائج إيجابية في المنطقة.

وفي غضون ذلك سمع الرئيس نبيه بري من السفير السعودي في لبنان الوزير وليد البخاري كلاما واضحا خلال زيارة الأخير له بأن موقف المملكة حيال المواصفات المنشودة في شخص الرئيس اللبناني المقبل ليكون قادرا على قيادة مرحلة الإنقاذ في البلد بمساعدة الدول الحريصة على إنتشال لبنان من أزمته وذلك بالإستناد إلى ما خلُصت إليه مشاورات الإجتماع الخماسي في باريس لناحية التشديد على وجوب إعتماد اللبنانيين أنفسهم على خارطة طريق إنقاذية تبدأ من إنتخاب رئيس توافقي من خارج مرشحي المنظومة السياسية التي أوصلت الدولة اللبنانية إلى حالة التفكك والإنهيار على كافة المستويات، وتشكيل حكومة قادرة على مواكبة العهد الجديد بخطوات إصلاحية بنيوية تلاقي المطالب الدولية ومستلزمات الإتفاق مع صندوق النقد.

وكان لافتا أن السفير البخاري وبعد إجتماعه إلى الرئيس بري قد توجه إلى السعودية، الأمر الذي فسّره الناطقون بلسان “الممانعة” بأن السعودية قد إستدعت سفيرها من لبنان ل”مساءلته عن طبيعة هذا اللقاء” في حين أن السفير كان قد توجه إلى العاصمة الفرنسية للإنضمام إلى اللجنة الخماسية التي تبحث في الوضع اللبناني والتي قد تنتهي من أبحاثها خلال اليومين القادمين وتصدر بيانا حول رؤيتها التي تقترحها لإنهاء الوضع المتأزم في لبنان توطئة لما ستقدمه من مساعدات ودعم للحكومة اللبنانية من أجل الخروج من الأزمة التي يعانيها لبنان.

وتابعت الأوساط المعنية ما صدر عن غرفة الإستئناف في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان من مطالبة القضاء اللبناني بتنفيذ خلاصات الأحكام ومذكرات التوقيف الغيابية الصادرة عنها بحق 4 من كوادر “حزب الله” الذين أدانتهم المحكمة بالضلوع في جريمة إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

كما طالبت المحكمة ب “القبض على كل من سليم جميل عياش، حسن حبيب مرعي، حسين حسن عيسى، وأسد حسن صبرا، وتسليمها إياهم “. وطلبت في الوقت نفسه من رئيس قلم المحكمة “تزويد حكومة هولندا بنسخة مصدقة عن الحكم، وأذنت للمدّعي العام لديها بأن يطلب من الأمانة العامة لمنظمة الإنتربول أن تُصدر نشراتها بما خصّ هؤلاء لتصبح صالحة لتنفيذها كمذكرات توقيف دولية”.

أما على ضفة “حزب الله” وبخلاف محاولة تظهيره في الشكل “كليشيهات” إعلامية حاسمة في دعم ترشيح فرنجية من قبيل شعار “كلمتنا كلمة” الذي أطلقه نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، فإن الحزب بدأ في الجوهر عملية إعداد العدة لمرحلة “التموضع خلف موجبات إتفاقية بكين سواء على المستوى الإقليمي أو الداخلي”، إذ نقلت مصادر موثوقة معلومات تفيد “بأن طلائع هذا التموضع بدأت تتشكل من خلال قرار تجميد أي نشاط لمعارضين خليجيين أو يمنيين في الضاحية الجنوبية لبيروت”، وسط ترقب زيارة موفد إيراني إلى لبنان لوضع قيادة “حزب الله” في أجواء المستجدات و الضوابط الواجب الإلتزام بها في ضوء الإتفاق مع السعودية، بما يشمل تعليق مهام كوادر الحزب ومستشاريه العسكريين في اليمن على قاعدة أن المرحلة الجديدة بعد الإتفاق تقتضي إعلاء مصلحة “إيران أولا”  لتمكينها من إستعادة الثقة بجديتها في السعي إلى إنجاح التقارب مع السعودية.

وقد بدا بارزا أنّ قادة “حزب الله” قد خففوا مؤخرا من إطلالاتهم الإعلامية، علما أن أمين عام الحزب السيد نصر الله لم يكن ليفوّت أي مناسبة مماثلة دون أن يطل من خلال شاشات التلفزيون ليلقي بخطابات مطوّلة بشأن أحداث تقل كثيرا بأهميتها عن التطورات الراهنة، بإستثناء جملة واحدة قالها نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم جاء فيها “كلمتنا كلمة” للدلالة على إلتزام الحزب بترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية لإنتخابات رئاسة الجمهورية.

هذا وتوجهت جامعة الدول العربية بنصيحة إلى اللبنانيين جاء فيها “إستغلوا الفرصة وإتفقوا على رئيس” حيث دعاهم أمين عام الجامعة احمد أبو الغيط إلى إنتخاب رئيس لتحظى خطوتهم بدعم جامعة الدول العربية مشددا على أن الدول العربية تولي أهمية لإنتخاب الرئيس الماروني في لبنان وضرورة أن يكون نتاج قرار لبناني صرف.

الوزير جنبلاط

على صعيد آخر وصف رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط اثناء زيارته دولة الكويت الإتفاق السعودي – الإيراني برعاية الصين بأنه “ضربة معلم، إن صح التعبير قام بها سمو الأمير محمد بن سلمان والخليج طبعا في محاولة لترطيب العلاقات وفتح آفاق جديدة بين الشعب العربي والشعب الإيراني، بين الطوائف، فاتحا المجال للهدوء بدل الحروب”.

وقال: “كفانا حروبا في العراق وسوريا ولبنان، كفى، لذلك هذه الخطوة مهمة جدا”، وقد يأتي الإنفراج الإقليمي وننطلق من ضرورة إنتخاب رئيس للجمهورية ولا يمكن إنتخاب رئيس تحد من أي فريق، بل رئيسا توافقيا من أجل الإصلاح.

الدكتور سمير جعجع

وأعلن رئيس “حزب القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع بحضور أعضاء تكتل الجمهورية القوية “ان الوضع لم يعد يسمح بإستنزاف التجارب التي سئم منها اللبنانيون بعدما أثبتت فشلها وأوصلتنا إلى ما وصلنا إليه”.

وشدد على “ضرورة إيجاد الحل الناجع لهذه المسألة الخانقة بدءا من تحمل السلطات مسؤوليتها وضبط الحركة عبر الحدود ومعالجة مسألة النزوح الناتجة عن تردي الأوضاع الإقتصادية في سوريا مرورا بضرورة إعادة تعريف الموجودين بين لاجئين فعليين وآخرين قادرين على العودة إلى مناطق اصبحت آمنة في سوريا وصولا إلى إعادة توجيه آخرين نحو الدول العربية الصديقة القادرة على إستيعاب عددهم.

السفير البخاري

هذا وكان السفير البخاري وقبل مغادرته لبنان إلى فرنسا قد زار الصرح البطريركي وإجتمع إلى البطريريك الماروني بشارة الراعي وأكد له “أن المملكة العربية السعودية ليس لديها شخصية معينة تدعمها للرئاسة لكن ما يعنيها هو أن يكون رئيسا إنقاذيا ليس منغمسا بالفساد السياسي والمالي”.

وأوضحت مصادر الصرح البطريركي “أن هذه المواصفات أتت مطابقة في جوهرها لتلك التي ينشدها الراعي في شخص الرئيس المقبل.

وتوقعت المصادر المطلعة أن يدعو الرئيس نبيه بري المجلس النيابي إلى عقد جلسة في غضون الإسبوعين القادمين لمعاودة الإجتماع في إطار إنتخاب رئيس جديد للجمهورية وهو الإجتماع ال 12 حيث لم يتمكن المجلس أثناء الجلسات ال 11 السابقة من إنتخاب الرئيس العتيد علما أنه قد إنقضى منذ الشغور في كرسي الرئاسة الأولى حوالي خمسة أشهر حتى اليوم، وبالطبع لم تؤكد أي جهة أو تكتّل نيابي إمكانية أن تسفر هذه الجلسة عن إحتمال إتمام عملية الإقتراع وإنتخاب الرئيس العتيد، سيما وأنه لم تحدث أية إختراقات تُذكر على صعيد الترشيحات والتحالفات وأنّ الشغور الرئاسي قد يستمر أيضا كما تتوقع المصادر المطلعة لمدة شهرين قادمين، قد يتم خلالها إجراء جولات ومحادثات محلية وخارجية لاسيما من قِبل اللجنة الدولية الخماسية التي تتابع هذه القضية من خلال مباحثاتها بهذا الشأن في العاصمة الفرنسية.

تحركات مرتقبة بين “اربعتين”

في هذا الإطار تتجه الأنظار إلى ترقّب ما سيقوله أمين عام حزب الله حسن نصر الله يوم الأربعاء القادم في إحدى المناسبات الحزبية؟ وما إذا كان سيستبدل عبارته الشهيرة “الشيطان الأكبر” ب “الصديق الأقرب”؟.

وعلى صعيد آخر دعا البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي النواب المسيحيين إلى يوم خلوة روحية وصلاة، وذلك يوم الأربعاء الواقع في 5 نيسان في دار عنيا – حريصا .

وجاء في نص الدعوة التي وجهتها البطريركية المارونية إلى النواب المسيحيين من مختلف الكنائس أن المناسبة هي: يوم اختلاء روحي قوامه صوم وصلاة وسماع لكلام الله وتوبة استعدادً لعيد الفصح المجيد وللصلاة من أجل لبنان.

كما من المقرر أن يخلص اللقاء الخماسي الذي يتابع أعماله في باريس من أجل مساعدة لبنان إلى إعلان قرارات ومواقف هامة يوم الأربعاء في 5 نيسان وتؤكد مصادر مطلعة أن هذه المواقف المتوقعة ستؤكد الثبات السعودي بأن اللقاء لن يتدخل في ترشيح أو تسمية الرئيس اللبناني العتيد بل أن إعلانه هو بيد النواب اللبنانيين فقط لا غير.

والجدير ذكره أن يوم الأربعاء الذي سيصادف إطلاق هذه المواقف قد إعتاد اللبنانيون على تسميته “أربعة أيوب” الأمر الذي يحدو بنا للدعوة بأن يتحلّى اللبنانيون، جماعات وأفرادا، بالصبر علّ الأيام القادمات تحمل معها بشرى الخلاص من الإقامة الجبرية في “جهنّم الحمراء” التي نأمل أن تستقبل في القريب العاجل كل من أوصلنا إليها من أهل الفساد والإفساد في هذا الوطن.

تطورات إقليمية ودولية

وكشف وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان أن الرئيس الإيراني رئيسي سيقوم قريبا بزيارة إلى السعودية مؤكدا أن العلاقات بين البلدين قد عادت إلى طبيعتها.

في حين ذكر ناطق أميركي رسمي: ان لبنان لن يكون له رئيس آخر على علاقات مع إيران، في إشارة واضحة إلى ميشال عون وسليمان فرنجية.

ونقلت مصادر مطلعة عن الرئيس الفرنسي ماكرون قوله: أن هذه السلطة اللبنانية القائمة يجب تغييرها وأشار بوضوح إلى فشلها ومشاركتها في تدهور البلد.

وفي سياق هذه التطورات ذكرت المصادر أن الرئيس السوري سيقوم قريبا بزيارة هي الثانية إلى الإمارات العربية بعد أن قام بزيارتين إلى كل من روسيا وتركيا والتطورات في المنطقة كانت في صلب هذه الزيارات وقد يكون من نتائجها عودة سوريا إلى عضويتها في جامعة الدول العربية.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى