مقالات

بعد إستبعاد مرشحي قوى 8 آذار الإليزيه  تسعى لبث الروح في المرشحين التكنوقراط والجهود تتركز لتدعيم وحدة الفريق السيادي

نشر في موقع ناشطون

بقلم الكاتب والصحافي صفوح منجّد

في ظل سلطة الفساد والإفساد والإنحلال والإنقسامات، سجل الفريق السيادي والقوى والكتل المتمسكة بوحدة البلد ومؤسساته، “إنتصارا” هاما وبدأت مفاعيله في الإنتشار (كالنار في الهشيم) حيث من المتوقع بل من المفترض أن لا يكون إجبار تلك السلطة وفي مقدمها ثنائي المنظومة على التراجع عن مشروع تلزيم توسعة مطار بيروت والذي عُرف ب”التيرمينال- 2″، وحيدا ومنفردا، وأن يعقب ذلك تحركات شعبية من قِبل القوى السيادية والوطنية المدعومة شعبيا ومن فئات عديدة لمواجهة ومجابهة ما يجري من صفقات وتحت تسميات مختلفة، ومن سرقات ونهب وإبتزاز، لاسيما وأنه قد تأكد بشكل فعلي وملموس بأن منظومة الفساد والإفساد (أوهن من خيوط العنكبوت)، وها هي ومنذ أن تبين حجم الفساد في مشروع توسعة مطار بيروت، تضرب أخماسها بأسداسها في محاولة يائسة لتفادي إمكانية أن تكر السُبّحة وتتدحرج حباتها ومع كل واحدة منها مشروع صفقة أو إتفاقية أو سرقة من فم هذا الشعب المظلوم، الذي يكاد يبلع “السكين” إنطلاقا من تصور المنظومة إياها أن هذا الشعب وقياداته قد “تنازل” عن حقه المشروع في مكافحة الفاسدين ومحاسبتهم.

فالكل بات يُدرك بل أنه يملك الدليل الواضح والجلي بأن صفقة بمليارات الدولارات كان يتم الإعداد لها من خلال ما عُرف بتوسعة مطار بيروت والذي كان من المؤكد والحتمي أن يتسبب بخسارة الخزينة اللبنانية عدّة مليارات من الدولارات سنويا لصالح جيوب أهل الفساد.

ومع إقدام وزير الأشغال العامة والنقل علي حمية على تراجعه عن إبرام هذه الصفقة فإنّ الباب قد “فُتح على مصراعيه” أمام القوى المتابعة والنيابية منها بشكل خاص بوجوب التحرك والمطالبة بمحاسبة الوزير ومن قد تكشفه التحقيقات، فلا يجوز بأي حال أن يتم تمييع قضية بهذا الحجم من (ألفها إلى يائها) ولا بُد أن تتدحرج “حجارة الدومينو” وتتكشف عن تفاصيل وأسماء، وها هو معاليه ينطق بالمحظور، وحسنا فعل، ليقول أنه “يتشرف بأن يكون ممثلا لحزب الله في الحكومة وأنه يخضع لقراره بالتراجع عن المشروع وكأنه لم يكن”!! فهل سيتم إحتساب خطة السرقة كأنها لم تكن؟ أو تتم المحاسبة إنطلاقا من “النيّة” والتخطيط لبلع المال العام حتى ولو أنّ هذه السرقة لم تتم وجرى فضحها؟! ويقينا أنّ في عدم إغلاق هذا الملف قضائيا ومتابعة التحقيق في القضية، سيتكشفان عن فضائح أخرى من شأنها معاقبة الفاعلين والمسؤولين عن هدر المال العام من جهة، وأن يكونوا عبرة لكل من يتطاول على المالية العامة وعلى حقوق أبناء هذا الوطن.

من جهة ثانية من المتوقع بل من المفترض أن تتابع القوى السيادية الوطنية من تحركها وأن “تقرع جرس الإنذار” بُغية الخروج من العزلة ومن دفن الرؤوس في التراب، وأن تتهيأ مع عودة رئيس مجلس الوزراء من الديار المقدسة لإجراء محادثات سريعة ومجدية وأن يسفر ذلك عن دعوة مجلس الوزراء لعقد جلسة أو أكثر للبت في المسائل والقضايا الوطنية والإقتصادية العاجلة وخاصة على الصعد الإجتماعية والمعيشية والبحث في تداعيات إضراب موظفي “هيئة أوجيرو” وتداعيات ذلك على أزمة الإتصالات وما قد تسفر عنه على صعيد عزل لبنان كليا عن العالم وتأثير ذلك على كل الاشغال والقطاعات.

وتزامنا تتوالى التحذيرات من تداعيات إضراب موظفي القطاع العام والخاص بعد أن أكد هؤلاء تقاضيهم الرواتب على سعر منصة صيرفة الجديد رفضا للإستنزاف الحاصل في قيمة رواتبهم، ومطالبة الإتحاد العمالي العام حاكم مصرف لبنان إلى دفع رواتب الموظفين والمتقاعدين والعسكريين في القطاع العام والاساتذة في التعليم الرسمي وأساتذة الجامعة اللبنانية على سعر منصة “صيرفة” البالغ 60 الف ليرة للدولار، لأن إعتماد تسعيرة المنصة الراهنة بواقع 90 الف ليرة للدولار سيعني خسارة إضافية بنسبة 50% من قيمة راتب الموظف العام.

والسؤال الذي يطرح نفسه، من أين بإمكان الموظف في القطاع العام أو الخاص، تأمين دفع فواتير الكهرباء والماء والدواء التي بدأت أسعارها الفلكية تصل إلى المواطنين؟ ومن أين يأكل ويشرب هذا المواطن “المعتّر”؟

وفي خِضم معركة التفتيش عن “لقمة العيش” يتابع اللبنانيون الجهود الخارجية المبذولة تحت سقف المشاورات المستمرة بين أطراف “اللجنة الخماسية” حيث من المقرر أن يزور موفد قطري بيروت في الأيام القليلة القادمة للقاء رئيسي مجلس النواب والحكومة ومسؤولين آخرين ولمّحت أوساط مطلعة بأن “العبارة الأخيرة” تقصد بالتحديد “حزب الله” في محاولة لتأسيس إمكانية إحداث خرق و”تطبيع” في عملية الإنتخابات الرئاسية مع الحزب بما يتماشى مع التطلعات العربية والدولية حيال خارطة الطريق الإنقاذية المطلوبة للبنان.

وأعربت الأوساط عن قناعتها بأن الجهود التي تبذلها الدوحة ستبقى تحت سقف تنسيق المواقف مع المملكة العربية السعودية، مع عدم إستبعاد إعادة تظهير عدد من الأسماء المطروحة والمرشحة للرئاسة الأولى، بحيث يتم نقاش جديد و”جوجلة” للأسماء المطروحة وتحديد أسماء معينة من بينها، يمكنها تلبية المطالب والشروط التي باتت واضحة لدى الهيئة الخماسية وما نتج عن إجتماعاتها المتكررة في العاصمة الفرنسية باريس.

هذا وقد إسترعى إنتباه مختلف الأوساط السياسية نتائج الزيارة السريعة التي قام بها رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية إلى باريس ولقائه المسؤول عن الملف اللبناني في الإليزيه باتريك دوريل حيث جرى التشاور في مستجدات الموقف من الإستحقاق الرئاسي و تبلغ فرنجية من دوريل معطيات تتعلق بهذا الإستحقاق ،وعلى الرغم من تكتم زعيم “المردة” حول نتائج المحادثات التي أجراها في باريس والتي لم تكن “مريحة” فإنه أكد إستمرار ترشحه وأنه ماض في معركته للوصول إلى قصر بعبدا.

في غضون ذلك بدا رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط الذي عاد  إلى بيروت والوفد المرافق الذي ضم النائبين مروان حمادة ووائل أبو فاعور آتيا من العاصمة الفرنسية في زيارة تشاورية أيضا مع دوريل، ميّالا إلى أن رياح الرئاسة الأولى لا تجري كما تشتهي سفن الزعيم الزغرتاوي. بالإضافة إلى أن موقف جنبلاط عشية زيارته الباريسية الداعي إلى “صيغة توافقية” لايكون من ضمنها فرنجية، قالت مصادر التقدمي أنه قد يكون صحيحا إستنتاج فرنسا بعدم قدرة وصول فرنجية إلى بعبدا نتيجة المعارضة الواسعة التي يواجهها.

وألمحت مصادر مطلعة أنّ “صفقة المقايضة” التي وضعت وصول فرنجية إلى قصر بعبدا في سلة واحدة مع وصول القاضي نواف سلام إلى السراي الحكومي قد سقطت عند سائر أطراف اللقاء الدولي الخماسي الذي إستضافته فرنسا في السادس من آذار الماضي والذي ضم ممثلين عن الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر إضافة إلى فرنسا.

وكشفت المصادر أن زوار الإليزيه قد ناقشوا مجموعة من الأسماء الوسطية التي تضمنتها السلة الفرنسية، لا تنتمي إلى محور 8 آذار، أمثال قائد الجيش العماد جوزف عون، وزير المال السابق جهاد أزعور، والذي يبدو جنبلاط من أشد المتحمسين لإنتخابه، إضافة إلى المرشح الذي قد تتفق المعارضة على دعمه وهو النائب السابق صلاح حنين، كما عاد الحديث في الإليزيه عن مرشحين “تكنوقراط” أمثال الوزراء السابقين زياد بارود، مروان شربل، روجيه ديب وشخصيات إقتصادية مثل رجل الأعمال سمير عساف والدكتور حبيب الزغبي ومي الريحاني والسفيرة السابقة تريسي شمعون.

وتشير المصادر أنّ “اللقاء الديمقراطي” سيركز توجهاته راهنا على توحيد المعارضة أولا خلف مرشح وسطي على رغم إستمرار التأييد لرئيس حركة الإستقلال النائب ميشال معوض، ومن ثم الإنتقال إلى الحوار مع الفريق الآخر وهذه المهمة سيتكفل بها جنبلاط عبر صديقه رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي لن يتأخر في تحديد موعد قريب لعقد جلسة ناخبة للمجلس في الأيام القليلة الماضية.

هذا وتتركز الجهود في غضون الإسبوع الطالع على إزالة ما علق من إختلافات في وجهات النظر بين (أبناء الصف الواحد) بنتيجة الخلافات التي إندلعت داخل البرلمان وخارجه وأدت إلى “تزعزع” في العلاقات بين القوى السيادية بغية الإسراع في لجم هذه التصدعات وعدم إيصالها إلى مرحلة الخلاف وخاصة في المرحلة الراهنة التي تشهد حاليا العديد من الإستحقاقات التي تتطلب من هذه القوى وحدة الصف والوقوف في وجه ما يعده الفريق الآخر من خروقات قد تدفع بلبنان إلى مزيد من التدهور والإنهيار ووضع اليد على مجمل كيانات البلد ومؤسساته في أدق المراحل التي يمر بها لبنان والمنطقة حاليا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى