مقالات

منجد: إلى متى يظل الدستور اللبناني بفضل الممانعة وجهة نظر؟

العناوين :*إلى متى يظل الدستور اللبناني بفضل الممانعة وجهة نظر؟

*المهازل المرتكبة باتت محطة تسلية للكبار والصغار!

*لودريان في بيروت ومحادثات شاملة مع المسؤولين .

مقال للكاتب والصحافي صفوح منجّد

نشر في موقع ناشطون

في الوقت الذي تزداد معه الأزمات التي تفتك بحياة الناس وبأعصابهم وجيوبهم، يبدو أن هناك من لا يبالي بهذه الأوضاع المأساوية التي تدفع بالبلد إلى الهاوية وتجعل من الصعب بل من المستحيل العمل على إعادة البناء والإعمار وتفعيل الدوائر والمؤسسات الرسمية من جهة، وتؤمّن العيش الكريم للناس الذين باتت أكثريتهم تحت خط الفقر، بل إن هذا “الخط” قد تخلى عنهم وأصبحوا على قارعة الطريق طالبين الحصول على “الحظ” وهذا الأخير أصبح بدوره من سابع المستحيلات بالنسبة لشعب قد تخلى عنه من إدّعوا أنهم يدافعون عنه، في حين أنهم بنوا ويبنون مملكتهم أو جمهوريتهم وفق ما يراه “أصحاب الأرانب”وشركاؤهم في “الممانعة” مناسبا لأهوائهم، في حين “يبيعون ويشترون” بمصالح العباد تحت شعارات مزيفة باتت لا تنطلي على أحد وها هي الإنتخابات النيابية الأخيرة وما أسفرت عنه من نتائج “تكذّب الغطاس” وفق ما عبّرت عنه مواقفهم البالية التي باتت السخرية منها على كل شفة ولسان.

وبات على اللبنانيين وخاصة هؤلاء الذين ما يزالون يؤمنون بقيامة لبنان بالرغم من كل هذه “المساخر” و “المهازل” التي باتت محطة لتسلية الكبار قبل الصغار، وقد إتّسم بعضها برواية الطرائف حيال ذلك ومنها أنّ هناك مجموعة من طلاب العلوم والرياضيات يتحضّرون لإعداد ملف ورفعه إلى الجهات الدولية المعنية لإثبات حقيقة تلك النظرية الخرقاء التي توصل إليها نواب “الممانعة” بأن العدد الاصغر وفق نظرية “الأرانب” هو أكبر من العدد الأعلى.

ويستند هذا الملف على النتائج التي أسفرت عنها عملية الإنتخابات النيابية الأخيرة لإختيار رئيس جديد للجمهورية بين مرشح المعارضة الذي نال 59 صوتا ومرشح الممانعة الذي نال 51 صوتا وإعتُبر أنه حائز على المجموع الأكبر، لتقام له “الزلاغيط” والدبكات، وتُطفأ له الكهرباء وتتوقف المكيفات وأجهزة الصوت على طاولات الزملاء النواب ويدق كبيرهم 3 دقات بمطرقته إيذانا بإنتهاء الجلسة لعدم توفر النصاب القانوني الذي تمّ تهريبه أثناء البحث عن “الصوت الضائع” والذي أثبت “كبيرهم” أن لا قيمة له: كيف ولماذا؟ وهذا السؤال ايضا قد يتم إدراجه في الملف الآنف الذكر نظرا لأهمية “الأستاذ” الذي إبتدع أيضا مسألة إلغاء الإجتماع قبل أن يتم التحقق من النصاب القانوني للجلسة!!.

وفصل المقال في هذا المقام البليغ أنه تمّ التخلي عن تحديد موعد جديد لجلسة نيابية جديدة لإنتخاب الرئيس العتيد… فعن أي وطن يتحدث الشيخ قاووق ويقول أن لا حل إلآ بالحوار؟؟.

وإنطلاقا من هذه “اللازمة” التي باتت مُلزمة في بيانات وأقوال الممانعة، لم نجد لها أي تفسيرفي القواميس الدستورية وخاصة تلك التي أصبح هؤلاء من المتفقهين في إبتداعها ونشرها بإعتقاد منهم أنها (بتمشي) على غرار “أذُن الجرّة” (كيف ما درت الجرة فيك تحط اذنها).

ولأن جماعة الممانعة كلهم حكماء وقادرون على إستنباط ما يحتاجه الآخرون وأنهم لطفاء وبوداعة الخراف، فإن النائب حسين الحاج حسن طالعنا بقرار حاسم بأنه (لن يكون هناك رئيس إلا بالتفاهم) وعن اي تفاهم يتحدث الحاج حسن، هل هو التفاهم الذي مارسه عندما كان وزيرا للزراعة، حيث حرم أبناء المناطق الزراعية في الشمال وخاصة في عكار من مخصصاتها الواردة آنذاك في الموازنة العامة، وأحال قيمة هذه المشاريع لتضاف إلى قيمة المشاريع التي كانت قيد التنفيذ في مناطق البقاع وخاصة في الهرمل وجوارها، أم أنه يقصد كيف تمكن وفق تلك المفاهيم التي أتحفنا بها مؤخرا، أن يمنع صرف الموازنة الخاصة “مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية في العبدة- عكار” وتحويلها ايضا لإقامة مشاريع في البقاع مما أدى إلى توقف المركز عن متابعة دوره والإضرار بمنشآته آنذاك.

ولا شك أن هناك العديد من السلوكيات التي بإمكان أهالي المنطقة التحدث عنها إبان الفترة التي أمضاها الحاج حسن في وزارة الزراعة، وقد يبدو أن إنجازاته لصالح أهالي الشمال عندما تسلم وزارة الصناعة في الحكومة التالية بإمكانها أن تُفصح عن العديد من الخطوات والمواقف التي إتخذها آنذاك والتي بالطبع لم تكن لصالح الصناعيين في طرابلس والشمال، وسيأتي وقت قريب جدا لتناول هذه الموضوعات للإستفادة منها نظرا للقدرات والمهارات التي يتمتع بها اللاوزير.

والملفت في آن هو ما قاله رئيس مجلس الممانعين عن التمسّك بمرشحهم بإعتباره الوحيد الذي يستعمل الخطاب العروبي من بين الاسماء المطروحة، إلا أنه  ولمحاسن الصدف، أكّد أن القبول بالجلوس والتفاهم مع الآخرين يعني ضمنا أننا منفتحون على الحلول التي تُخرج البلد من أزمته الراهنة!!

يا للتواضع!! ولكن هل هي فعلا قناعات؟ وهل صحيح أن من تقصده منحاز إلى العروبة؟ أم أنه متشرّب حتى الثمالة من الإنتماء إلى الحليف الإيراني؟؟ .

وعلى صعيد آخر أبدى رئيس مجلس النواب نبيه بري أنه سيتريّث في الدعوة إلى جلسة جديدة لإنتخاب رئيس للجمهورية بإنتظار تبلور الحراك الإقليمي والدولي الجاري حاليا.

وفي هذا الإطار قالت جريدة الأنباء “الإشتراكية” أن لا نتائج سريعة للتعويل على التفاهمات الاقليمية، وكذلك لا نتائج سريعة بالنسبة للوضع في لبنان رغم تقدم مستوى اللقاءات والزيارات  .وأشارت إلى أنّ بعض الاطلالات التحليلية حول تطورات الأيام الأخيرة ترقى أحياناً الى مستوى “سيناريوهات الأفلام الخيالية”.

من جهة ثانية ذكرت وكالة الأنباء الفرنسية أن الموفد الخاص للرئيس الفرنسي جان ايف لودريان سيكون الأربعاء في لبنان، لإجراء محادثات مع المسؤولين اللبنانيين، من دون ان تحدد لا المدة التي سيبقى فيها في لبنان، ولا المسؤولين الذين قد يلتقيهم.

واهمية الزيارة تتركز في امرين: الاول انها تأتي بعد توتر واضح في العلاقات بين الادارة الفرنسية، وتحديدا بين الرئيس ايمانويل ماكرون، وبين القيادات المسيحية الاساسية في لبنان، التي رفضت خياره بتأييد سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية.

أما الامر الثاني فيتعلق بأن الزيارة تأتي بعد اسبوع على اللقاء المهم الذي جمع الرئيس الفرنسي مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في باريس، والذي كان لبنان في صلب جدول اعماله، وانطلاقا من النقطتين المذكورتين يجري الحديث حول الجديد الذي يحمله لودريان الى لبنان؟ ووفق المعلومات فان الموفد الفرنسي لا يأتي لتقديم طرح، بل في اطار جولة استطلاع واستماع.

لكن هل فرنسا الغارقة في الشأن اللبناني منذ فترة ، بحاجة بعد الى الاستطلاع والاستماع؟ ثم، هل لودريان ، الذي اجتمع مطولا مع وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا اطلعته خلالها على خلاصة النقاشات التي اجرتها مع المسؤولين اللبنانيين في الاشهر الاخيرة، في حاجة الى جولة جديدة من جولات الاستماع؟ من هنا فان الزيارة قد تحمل جديدا فرنسيا ما ، بل قد تشكل بداية تحول في الموقف الفرنسي، بعدما اكتشفت فرنسا وماكرون ان خيارها غير قابل للتنفيذ لاسباب كثيرة.

وفيما لبنان ينتظر لودريان توجه رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل الى قطر، وذلك للقاء المسؤولين القطريين المكلفين بالشأن الرئاسي في لبنان.

وفي هذه الاثناء فإن المسؤولين عندنا منشغلون بهمّ آخر: هم الجلسة التشريعية التي تنعقد غدا، والهدف الظاهر منها اقرار صرف اموال لمصلحة موظفي القطاع العام. لكن الهدف الظاهر كلام حق يراد به باطل. فالهدف الحقيقي من الجلسة هو تأكيد القدرة على تسيير امور الدولة بحكومة تصريف اعمال، ومن دون رئيس للجمهورية.

ولهذا السبب فان قوى المعارضة قررت عدم حضور الجلسة ومقاطعتها، باعتبار ان الهدف هو الامعان في التعطيل وعدم الوصول الى انتخاب رئيس للجمهورية. اما التيار الوطني الحر، الذي تقاطع مع المعارضة في انتخاب جهاد ازعور، فينتظر عودة رئيسه من قطر ليعقد اجتماعا يتخذ بعده الموقف المناسب. وعلى ما يبدو فان التيار يتجه الى المشاركة في الجلسة، مع تحديد بنودها الى ادنى حد، لجعلها فعلا لا قولا تحت عنوان تشريع الضرورة.

وحتى الساعة لم يُعرَف بعد ما إذا كان النصاب سيتأمن لها، وفي حال عدم تأمين النصاب، ما هي البدائل المتوافرة؟

وكل ما يحصل رئاسيا وتشريعيا، حمل البطريرك مار بشارة بطرس الراعي على ان يرفع الصوت مجددا داعيا الى انتخاب رئيس للجمهورية، ومعتبرا ان الجلسة الانتخابية الاخيرة مهزلة، فيها انتهك الدستور والنظام الديمقراطي بدم بارد. ويقصد البطريرك بكلامه “هروب” نواب الممانعة من الجلسة بعدما اكتشفوا انهم لا يستطيعون ايصال سليمان فرنجية، وان هناك احتمالا قويا جدا في وصول جهاد ازعور في الدورة الثانية.

وها هم اركان الممانعة يجددون انتهاك الدستور من خلال عقد جلسة تشريعية للبرلمان، علما بانه هيئة ناخبة فقط لا غير. فالى متى يظل الدستور اللبناني، بفضل الممانعة، مجرد وجهة نظر؟

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى