مقالات

المخاطر تُحدق بالبلد والحزب يفتعل الأزمات مع العرب… والراعي: يخطىء من يظن انه يستطيع خطف الجمهورية.

 

مقال للكاتب والصحافي صفوح منجّد
في موقع ناشطون

تشهد الساحة اللبنانية والمنطقة مع إنقضاء الجلسة ال(11) للمجلس النيابي مجموعة من المؤشرات والتحولات التي يمكن إعتبار بعضها ذات دلالات على قدر كبير من الأهمية، بل من الخطورة نظرا لإنعكاساتها الداخلية والخارجية على مسار الأزمات السياسية والإقتصادية التي يتخبط بها لبنان في المرحلة الراهنة مما يرفع من منسوب تدهور الأوضاع المحلية ودخول لبنان في المجهول.

فحزب السلاح يحاول تكريس مبادىء جديدة وأعراف، وفي الوقت عينه يحاول أن يوحي بأنه ليس بمعطّل في الوقت الذي يتأكد للجميع أنه بات المهيمن الوحيد على الوطن بكامله وبمختلف مؤسساته، ويحاول تطويق القوى الوطنية ومصادرة مواقفها وتطلعاتها وحتى مشاريعها المستقبلية.

مواصفات الحزب للرئيس القادم

وفي الوقت نفسه يحدد الحزب إياه مواصفات الرئيس القادم للجمهورية الذي بإمكانه القبول به وفي مقدمة لائحة الشروط التي أعلن عنها هو أن يعبّر الرئيس العتيد عن تطلعات اللبنانيين ويحفظ التوازنات القائمة في البلد وأن تكون كل مصالحه في لبنان؟!. والجواب الذي لم يجب عنه حزب السلاح يتعلّق بأمواله هو وولائه وميوله، وهل حسم تموضعه بأن تكون كل هذه المواصفات وسواها من المواقف والقناعات قد حسم أمرها واصبحت تتمتع بالإنتماء إلى لبنان أم أنها كانت ولم تزل ترتبط عقائديا وماديا وسياسيا بولاية الفقيه؟؟.

إنها مجرّد مواقف كلامية لم تعد تنطلي على أحد، والمشكلة الحقيقية قبل وبعد إطلاق هكذا كلام في الهواء، تكمن في سلسلة أحداث ووقائع تنطلق من تواجد ترسانته العسكرية على الأراضي اللبنانية وإمعانه في رفض أيّة سياسة دفاعية قد تنتهجها الدولة اللبنانية مرورا بكل ممارساته التي يتابع تنفيذها للهيمنة على لبنان بما في ذلك إلغاء الإجراءات القضائية للكشف عن جريمة تفجير مرفأ بيروت كما سبق أن فعل بالنسبة لجريمة إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وشهداء 14 آذار حيث أكّدت التحقيقات التي أجراها القضاء الدولي وأسفرت في حينه بما لايدع مجالا للشك عن تحديد أبرز أسماء المشاركين في الجريمة وهم من عناصره الحزبية والعسكرية.

طموحات نظام الملالي

وها هو اليوم يحاول وضع إسفين في العلاقات ما بين جمهورية مصر العربية وبين لبنان في واحدة من الأساليب الخبيثة التي ينتهجها الحزب لإيجاد الشروخات بين الأشقاء العرب كما فعل في سوريا والعراق واليمن وحاليا في لبنان وعلى أمل تمدده بإتجاه مصر التي هاجمها أمين عام حزب الله حسن نصر الله في أحد تصاريحه وخطاباته الأخيرة التي باتت شبه يومية.

وقد سارع المتحدث بإسم الخارجية المصرية السيد أحمد أبو زيد إلى الرد على مضمون تصريحات نصر الله الذي وضعه في خانة “التصريحات العبثية” وقال “أنها ليست سوى محاولة لإستدعاء بطولات زائفة” في إشارة إلى مخاطبة نصر الله جمهوره بالقول:” راقبوا الوضع الإقتصادي المتدهور، في مصر الدولة الأولى التي وقّعت إتفاق سلام مع إسرائيل، ودول محور الممانعة تعاني لأنها ترفض الخضوع للإملاءات الأميركية.. لكن ماذا عن الدول التي تسير في ركب واشنطن؟.

ونسي نصر الله ما إستجدّ من إنعكاسات على “لبنانه الممانع” على صورة البلد خارجيا حين ضمت الأمم المتحدة الدولة اللبنانية إلى قائمة الدول المتخلفة عن السداد إلى جانب فينزويلا وجنوب السودان وغينيا الإستوائية والغابون حيث أعلن الأمين العام أن “لبنان فقد حقه في التصويت في الجمعية العامة المكونة من 193 عضوا لتأخره عن سداد مستحقات لميزانية تشغيل الأمم المتحدة” كل ذلك بفضل وزير خارجيتنا “الممانع” الذي رفض السداد بالرغم من تبلغه وها هو لبنان يدفع الثمن دون أن تبالي جماعة حزب السلاح بإنعكاس ذلك على لبنان وخاصة في الظروف الراهنة.

كل ذلك يحصل في لبنان والمنطقة اللذين باتا يتخبطان في أزمات عميقة بلا حدود على طريق بلا نهاية، وهما أسيرا مشروع إقليمي لا مستقبل له، وإن بدا قويا في الحاضر، مشروع ثيوقراطي يديره ملالي إيران ويصنع نماذج لا سابق لها في اربعة بلدان عربية: تأسيس ميليشيات مذهبية تحمل السلاح تحت عنوان “محور المقاومة” وتلعب في الوقت نفسه دور الهيمنة على السلطة، لا مجرد المشاركة فيها.

ففي لبنان حزب السلاح يُصر بعد التحرير على  البقاء كمقاومة إحتياطية لمواجهة اي إعتداء إسرائيلي محتمل من دون القيام بعمليات مقاومة حتى في مزارع شبعا، ثم شارك في حرب سوريا وتدخل وإحتل العراق واليمن ويصر على التحكم برئاسة الجمهورية ورئاسة المجلس النيابي ورئاسة الحكومة في لبنان، لكن مهمة محور المقاومة في المدى المتوسط هي إقامة جبهات أمامية للدفاع عن المشروع الإقليمي الإيراني.

وبات من الصعب على لبنان أن يستمر في تحمل هذا العبء الثقيل، فكيف إذا كان البلد أصلا يتخبط في أزمات سياسية وإقتصادية ومالية وإجتماعية عميقة وخطيرة.

والمشكلة الأكبر هي في عجز محور المقاومة عن الإمساك بالبلد وإدارته وقد أصبح تغيير نظامه مكلفا إلى حد بعيد في بلد من 18 طائفة، فكيف الأمر مع خمسة بلدان عربية على الأقل هي في حالة مواجهة إن لم نقل حربا مع “دولة الملالي”؟.

الراعي

القى البطريرك الراعي يوم أمس الأحد عظة قال فيها: يسعدنا أن نرحب بأهالي الموقوفين على إثر تفجير مرفأ بيروت، وهم يطلبون أن نضم صوتنا إلى صوتهم. فإن أبناءهم وأزواجهم موقوفون منذ أيام التفجير 4 آب 2020 أي منذ سنتين ونصف. وهم من دون محاكمة ومن دون قرار ظني. فأصبحوا هم ضحايا أحياء لهذه الكارثة-الجريمة ضد الإنسانية.

وتوجه الى النواب والوزراء: “أنتم يا نواب الأمة والوزراء مسؤولون عن وصمة العار الجديدة التي تلحق بلبنان من خلال أدائكم غير المقبول، وهي فقدان لبنان حق التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة، المكونة من 193 عضوا، بسبب عدم سداد مستحقات الدولة اللبنانية البالغة ما لا يقل عن مليوني دولار. ويكبر حجم مسؤوليتكم بكون لبنان بلدا مؤسسا للأمم المتحدة، ومشاركا في وضع شرعتها وشرعة حقوق الإنسان.

وقال: في هذا الوقت يستمر الشغور الرئاسي، ولم تؤد المساعي الداخلية والدولية إلى إحراز تقدم فعلي نحو انتخاب رئيس جديد. بل نرى أن المواقف بين المحاور الداخلية ذات الامتداد الخارجي تتباعد أكثر فأكثر، وتلهي الرأي العام بموضوع الحكومة. ونحن قلنا منذ اليوم الأول لنهاية العهد، إن هذه الحكومة هي مستقيلة ومهمتها تصريف الأعمال. ومن واجبها التفاهم حول تفسير تصريف الأعمال لئلا تخلق إشكاليات نحن بغنى عنها. إن عملها محصور بالمحافظة على الحد الأدنى من تسيير شؤون المواطنين الضاغطة ومنع سقوط الدولة نهائيا، خصوصا أن مهزلة جلسات انتخاب رئيس للجمهورية لا تزال مستمرة، وقرار عقدها وفقا للدستور مسلوب. ويترافق كل ذلك مع انهيار صارخ لسعر العملات بحيث تجاوز سعر الدولار الخمسين ألف ليرة لبنانية. وناهز سعر صفيحة البنزين المليون ليرة وتضاعفت أسعار المواد الغذائية والطبية بعشرات الأضعاف. فكيف سيعيش هذا الشعب؟ كيف سيأكل ويشرب ويتغذى ويعمل ويقبض أجره ويتداوى؟ وهل تشعرون به أيها المؤتمنون على المسؤولية؟ خوفنا أنكم تشعرون ولكنكم تريدون لهذا الشعب هذه التعاسة لغرض في نفوسكم!”.

وختم الراعي: “رغم ذلك لا تزال القوى السياسية تتقاذف الاستحقاق الرئاسي وتمتنع عن انتخاب رئيس جديد يصمد أمام الصعاب ويرفض الإملاءات ويحافظ على الخصوصية اللبنانية. ليس خوفنا أن تتغير هوية رئيس الجمهورية المارونية وطائفته، بل أن تتغير سياسته ومبادؤه ويلتحق بسياسيات ومحاور ودول تجاهد ليل نهار للسيطرة على البلاد وتحويلها إقليما من أقاليمها. لكن هذا الأمر مستحيلا لأن قرار التصدي لتغيير هوية الرئيس وكيان لبنان مأخوذ سلفا مهما كانت التضحيات. ولا يظننن أحد أنه قادر على تغيير هذا التراث التاريخي وهذه الخصوصية الوطنية.

ويخطئ من يظن أنه يستطيع خطف رئاسة الجمهورية اللبنانية وأخذها رهينة ويطلب فدية لإطلاقها. لسنا شعب الفديات بل نحن شعب الفداء.. في هذا السياق إن القوى الوطنية السيادية أكانت مسيحية أم مسلمة مدعوة للاتحاد وتشكيل هيئة مشتركة تدافع عن لبنان ليتأكد العالم أن شعب لبنان مصمم على الحياة معا. هذه هي أمنياتنا نستودعها عناية الله القادر على كل شيء، له المجد والشكر الآن وإلى الأبد، آمين”.

عودة
وألقى المطران إلياس عودة عظة دينية امس قال فيها:”شهدنا هذا الأسبوع حلقة أخرى من مسلسل مسرحية انتخاب رئيس، والمحزن أن من لم يقوموا بواجبهم على أتم وجه يتذمرون ويشعرون بالاشمئزاز من تكرار المهزلة

أليس أولى بهم أن يقدموا على ما يخرج المجلس من هذا الجمود القاتل؟ ألا يعلمون طريقة تكوين السلطات في الأنظمة الديمقراطية، وكيفية إجراء الانتخابات؟ كيف يبرر المعطلون لناخبيهم تقصيرهم في أداء واجبهم الدستوري والوطني؟ كيف يبررون وضع مصالحهم قبل المصلحة العامة، وتقديم حساباتهم الضيقة على كل حساب؟ كيف يستطيعون أن يضحكوا ويهزأوا وشعبهم يدمع ويبكي؟ متى يخرج هؤلاء من أوهامهم بأنهم محور الكون وأن العالم لا يفكر إلا بهم؟ ما هذه المهزلة؟ قليل من التواضع ومن الواقعية”.

وتابع: ألا يخجل من يدعون أنهم مسؤولون مما أوصلوا البلد وشعبه إليه؟ ألا يخجلون من أنفسهم عندما يتحدثون عن الكرامة وعن السيادة وعن الحقوق؟ وكلها ضاعت بسبب مواقفهم العبثية. أملنا أن تصحو ضمائر من ضمائرهم النائمة، وأن ينضم عدد كبير من النواب إلى رفاقهم المعتصمين داخل المجلس، مطالبين بعقد جلسة انتخابية لا تغلق إلا بانتخاب رئيس. أوليس هذا واجب النواب الأول؟ أما واجبهم الثاني الرقابي فعليهم وعيه جيدا للقيام بواجبهم الذي يقتضيه فصل السلطات، عوض الخلط بينها وتخطي الدستور”.

وختم: “دعوتنا اليوم أن نلتمس لقاء المخلص مهما عاكستنا الظروف، وألا نيأس لا من خطايانا، ولا من العوائق التي تصادفنا في طريق الخلاص.
.

مقال للكاتب والصحافي صفوح منجّد

في موقع ناشطون

 

تشهد الساحة اللبنانية والمنطقة مع إنقضاء الجلسة ال(11) للمجلس النيابي مجموعة من المؤشرات والتحولات التي يمكن إعتبار بعضها ذات دلالات على قدر كبير من الأهمية، بل من الخطورة نظرا لإنعكاساتها الداخلية والخارجية على مسار الأزمات السياسية والإقتصادية التي يتخبط بها لبنان في المرحلة الراهنة مما يرفع من منسوب تدهور الأوضاع المحلية ودخول لبنان في المجهول.

فحزب السلاح يحاول تكريس مبادىء جديدة وأعراف، وفي الوقت عينه يحاول أن يوحي بأنه ليس بمعطّل في الوقت الذي يتأكد للجميع أنه بات المهيمن الوحيد على الوطن بكامله وبمختلف مؤسساته، ويحاول تطويق القوى الوطنية ومصادرة مواقفها وتطلعاتها وحتى مشاريعها المستقبلية.

مواصفات الحزب للرئيس القادم

وفي الوقت نفسه يحدد الحزب إياه مواصفات الرئيس القادم للجمهورية الذي بإمكانه القبول به وفي مقدمة لائحة الشروط التي أعلن عنها هو أن يعبّر الرئيس العتيد عن تطلعات اللبنانيين ويحفظ التوازنات القائمة في البلد وأن تكون كل مصالحه في لبنان؟!. والجواب الذي لم يجب عنه حزب السلاح يتعلّق بأمواله هو وولائه وميوله، وهل حسم تموضعه بأن تكون كل هذه المواصفات وسواها من المواقف والقناعات قد حسم أمرها واصبحت تتمتع بالإنتماء إلى لبنان أم أنها كانت ولم تزل ترتبط عقائديا وماديا وسياسيا بولاية الفقيه؟؟. 

إنها مجرّد مواقف كلامية لم تعد تنطلي على أحد، والمشكلة الحقيقية قبل وبعد إطلاق هكذا كلام في الهواء، تكمن في سلسلة أحداث ووقائع تنطلق من تواجد ترسانته العسكرية على الأراضي اللبنانية وإمعانه في رفض أيّة سياسة دفاعية قد تنتهجها الدولة اللبنانية مرورا بكل ممارساته التي يتابع تنفيذها للهيمنة على لبنان بما في ذلك إلغاء الإجراءات القضائية للكشف عن جريمة تفجير مرفأ بيروت كما سبق أن فعل بالنسبة لجريمة إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وشهداء 14 آذار حيث أكّدت التحقيقات التي أجراها القضاء الدولي وأسفرت في حينه بما لايدع مجالا للشك عن تحديد أبرز أسماء المشاركين في الجريمة وهم من عناصره الحزبية والعسكرية.

طموحات نظام الملالي

وها هو اليوم يحاول وضع إسفين في العلاقات ما بين جمهورية مصر العربية وبين لبنان في واحدة من الأساليب الخبيثة التي ينتهجها الحزب لإيجاد الشروخات بين الأشقاء العرب كما فعل في سوريا والعراق واليمن وحاليا في لبنان وعلى أمل تمدده بإتجاه مصر التي هاجمها أمين عام حزب الله حسن نصر الله في أحد تصاريحه وخطاباته الأخيرة التي باتت شبه يومية.

وقد سارع المتحدث بإسم الخارجية المصرية السيد أحمد أبو زيد إلى الرد على مضمون تصريحات نصر الله الذي وضعه في خانة “التصريحات العبثية” وقال “أنها ليست سوى محاولة لإستدعاء بطولات زائفة” في إشارة إلى مخاطبة نصر الله جمهوره بالقول:” راقبوا الوضع الإقتصادي المتدهور، في مصر الدولة الأولى التي وقّعت إتفاق سلام مع إسرائيل، ودول محور الممانعة تعاني لأنها ترفض الخضوع للإملاءات الأميركية.. لكن ماذا عن الدول التي تسير في ركب واشنطن؟.

ونسي نصر الله ما إستجدّ من إنعكاسات على “لبنانه الممانع” على صورة البلد خارجيا حين ضمت الأمم المتحدة الدولة اللبنانية إلى قائمة الدول المتخلفة عن السداد إلى جانب فينزويلا وجنوب السودان وغينيا الإستوائية والغابون حيث أعلن الأمين العام أن “لبنان فقد حقه في التصويت في الجمعية العامة المكونة من 193 عضوا لتأخره عن سداد مستحقات لميزانية تشغيل الأمم المتحدة” كل ذلك بفضل وزير خارجيتنا “الممانع” الذي رفض السداد بالرغم من تبلغه وها هو لبنان يدفع الثمن دون أن تبالي جماعة حزب السلاح بإنعكاس ذلك على لبنان وخاصة في الظروف الراهنة. 

كل ذلك يحصل في لبنان والمنطقة اللذين باتا يتخبطان في أزمات عميقة بلا حدود على طريق بلا نهاية، وهما أسيرا مشروع إقليمي لا مستقبل له، وإن بدا قويا في الحاضر، مشروع ثيوقراطي يديره ملالي إيران ويصنع نماذج لا سابق لها في اربعة بلدان عربية: تأسيس ميليشيات مذهبية تحمل السلاح تحت عنوان “محور المقاومة” وتلعب في الوقت نفسه دور الهيمنة على السلطة، لا مجرد المشاركة فيها.

ففي لبنان حزب السلاح يُصر بعد التحرير على  البقاء كمقاومة إحتياطية لمواجهة اي إعتداء إسرائيلي محتمل من دون القيام بعمليات مقاومة حتى في مزارع شبعا، ثم شارك في حرب سوريا وتدخل وإحتل العراق واليمن ويصر على التحكم برئاسة الجمهورية ورئاسة المجلس النيابي ورئاسة الحكومة في لبنان، لكن مهمة محور المقاومة في المدى المتوسط هي إقامة جبهات أمامية للدفاع عن المشروع الإقليمي الإيراني. 

وبات من الصعب على لبنان أن يستمر في تحمل هذا العبء الثقيل، فكيف إذا كان البلد أصلا يتخبط في أزمات سياسية وإقتصادية ومالية وإجتماعية عميقة وخطيرة.

والمشكلة الأكبر هي في عجز محور المقاومة عن الإمساك بالبلد وإدارته وقد أصبح تغيير نظامه مكلفا إلى حد بعيد في بلد من 18 طائفة، فكيف الأمر مع خمسة بلدان عربية على الأقل هي في حالة مواجهة إن لم نقل حربا مع “دولة الملالي”؟.

الراعي

القى البطريرك الراعي يوم أمس الأحد عظة قال فيها: يسعدنا أن نرحب بأهالي الموقوفين على إثر تفجير مرفأ بيروت، وهم يطلبون أن نضم صوتنا إلى صوتهم. فإن أبناءهم وأزواجهم موقوفون منذ أيام التفجير 4 آب 2020 أي منذ سنتين ونصف. وهم من دون محاكمة ومن دون قرار ظني. فأصبحوا هم ضحايا أحياء لهذه الكارثة-الجريمة ضد الإنسانية. 

وتوجه الى النواب والوزراء: “أنتم يا نواب الأمة والوزراء مسؤولون عن وصمة العار الجديدة التي تلحق بلبنان من خلال أدائكم غير المقبول، وهي فقدان لبنان حق التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة، المكونة من 193 عضوا، بسبب عدم سداد مستحقات الدولة اللبنانية البالغة ما لا يقل عن مليوني دولار. ويكبر حجم مسؤوليتكم بكون لبنان بلدا مؤسسا للأمم المتحدة، ومشاركا في وضع شرعتها وشرعة حقوق الإنسان.

وقال: في هذا الوقت يستمر الشغور الرئاسي، ولم تؤد المساعي الداخلية والدولية إلى إحراز تقدم فعلي نحو انتخاب رئيس جديد. بل نرى أن المواقف بين المحاور الداخلية ذات الامتداد الخارجي تتباعد أكثر فأكثر، وتلهي الرأي العام بموضوع الحكومة. ونحن قلنا منذ اليوم الأول لنهاية العهد، إن هذه الحكومة هي مستقيلة ومهمتها تصريف الأعمال. ومن واجبها التفاهم حول تفسير تصريف الأعمال لئلا تخلق إشكاليات نحن بغنى عنها. إن عملها محصور بالمحافظة على الحد الأدنى من تسيير شؤون المواطنين الضاغطة ومنع سقوط الدولة نهائيا، خصوصا أن مهزلة جلسات انتخاب رئيس للجمهورية لا تزال مستمرة، وقرار عقدها وفقا للدستور مسلوب. ويترافق كل ذلك مع انهيار صارخ لسعر العملات بحيث تجاوز سعر الدولار الخمسين ألف ليرة لبنانية. وناهز سعر صفيحة البنزين المليون ليرة وتضاعفت أسعار المواد الغذائية والطبية بعشرات الأضعاف. فكيف سيعيش هذا الشعب؟ كيف سيأكل ويشرب ويتغذى ويعمل ويقبض أجره ويتداوى؟ وهل تشعرون به أيها المؤتمنون على المسؤولية؟ خوفنا أنكم تشعرون ولكنكم تريدون لهذا الشعب هذه التعاسة لغرض في نفوسكم!”.

وختم الراعي: “رغم ذلك لا تزال القوى السياسية تتقاذف الاستحقاق الرئاسي وتمتنع عن انتخاب رئيس جديد يصمد أمام الصعاب ويرفض الإملاءات ويحافظ على الخصوصية اللبنانية. ليس خوفنا أن تتغير هوية رئيس الجمهورية المارونية وطائفته، بل أن تتغير سياسته ومبادؤه ويلتحق بسياسيات ومحاور ودول تجاهد ليل نهار للسيطرة على البلاد وتحويلها إقليما من أقاليمها. لكن هذا الأمر مستحيلا لأن قرار التصدي لتغيير هوية الرئيس وكيان لبنان مأخوذ سلفا مهما كانت التضحيات. ولا يظننن أحد أنه قادر على تغيير هذا التراث التاريخي وهذه الخصوصية الوطنية. 

ويخطئ من يظن أنه يستطيع خطف رئاسة الجمهورية اللبنانية وأخذها رهينة ويطلب فدية لإطلاقها. لسنا شعب الفديات بل نحن شعب الفداء.. في هذا السياق إن القوى الوطنية السيادية أكانت مسيحية أم مسلمة مدعوة للاتحاد وتشكيل هيئة مشتركة تدافع عن لبنان ليتأكد العالم أن شعب لبنان مصمم على الحياة معا. هذه هي أمنياتنا نستودعها عناية الله القادر على كل شيء، له المجد والشكر الآن وإلى الأبد، آمين”.

عودة

وألقى المطران إلياس عودة عظة دينية امس قال فيها:”شهدنا هذا الأسبوع حلقة أخرى من مسلسل مسرحية انتخاب رئيس، والمحزن أن من لم يقوموا بواجبهم على أتم وجه يتذمرون ويشعرون بالاشمئزاز من تكرار المهزلة 

أليس أولى بهم أن يقدموا على ما يخرج المجلس من هذا الجمود القاتل؟ ألا يعلمون طريقة تكوين السلطات في الأنظمة الديمقراطية، وكيفية إجراء الانتخابات؟ كيف يبرر المعطلون لناخبيهم تقصيرهم في أداء واجبهم الدستوري والوطني؟ كيف يبررون وضع مصالحهم قبل المصلحة العامة، وتقديم حساباتهم الضيقة على كل حساب؟ كيف يستطيعون أن يضحكوا ويهزأوا وشعبهم يدمع ويبكي؟ متى يخرج هؤلاء من أوهامهم بأنهم محور الكون وأن العالم لا يفكر إلا بهم؟ ما هذه المهزلة؟ قليل من التواضع ومن الواقعية”.

وتابع: ألا يخجل من يدعون أنهم مسؤولون مما أوصلوا البلد وشعبه إليه؟ ألا يخجلون من أنفسهم عندما يتحدثون عن الكرامة وعن السيادة وعن الحقوق؟ وكلها ضاعت بسبب مواقفهم العبثية. أملنا أن تصحو ضمائر من ضمائرهم النائمة، وأن ينضم عدد كبير من النواب إلى رفاقهم المعتصمين داخل المجلس، مطالبين بعقد جلسة انتخابية لا تغلق إلا بانتخاب رئيس. أوليس هذا واجب النواب الأول؟ أما واجبهم الثاني الرقابي فعليهم وعيه جيدا للقيام بواجبهم الذي يقتضيه فصل السلطات، عوض الخلط بينها وتخطي الدستور”.   

وختم: “دعوتنا اليوم أن نلتمس لقاء المخلص مهما عاكستنا الظروف، وألا نيأس لا من خطايانا، ولا من العوائق التي تصادفنا في طريق الخلاص.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى